Image
القصيباء.. أطلال عنترة بن شداد
القصيباء.. أطلال عنترة
كم هو مذهل أن تكتشف مكانًا جميلاً ورائعًا دون أن تتكلف عناء البحث عنه، وإنما ظروف العمل هي التي ساقتك إليه
تسنى لنا في تلك الرحلة زيارة قرية قصيباء الواقعة في شمال منطقة القصيم، وتعد إحدى بلدات منطقة الجواء الصحراوية، وتبعد عن مدينة بريدة بنحو 65 كم على الطريق المؤدي إلى حائل. وقصيباء تحتضن أطلال قصر الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد في مرتفع الجال الغربي ويسمى بالعنتريات، وقد سعت الهيئة لتطوير هذا الموقع التاريخي وتأهيله.
آبارها وطيورها
قصيباء مكان منخفض تتجمع في وسطه بحيرة كبيرة في أثناء موسم الأمطار، وتبدو حواف المنخفض كما لو كانت جبالاً تحيط بالقرية من جميع جهاتها، وقديمًا كانت تسمى (قو) وهي في اللغة تعني المكان المنخفض، وهي قديمة قدم التاريخ، فقد كانت منازل لقبيلة بني عبس في الجاهلية وصدر الإسلام، وهناك بقايا قصر حجري قديم جدًا فوق الحافة الغربية لقصيباء ناحية القوارة، والقوارة إحدى بلدان الجواء، يقال إنه قصر لعنترة بن شداد قاتل عليه وغلب. تتدفق العيون في قصيباء بعضها طبيعي وبعضها الآخر محفور ومنحوت في الأرض مثل عين عبس، وعين الثومة، وعين الصوال وغيرها، فضلاً عن الآبار المشهورة كبئر العنترية التي كان الحجاج يتزودون منها بالماء.
ولا ريب أن قصيباء والجواء تزخران بالموروث التاريخي والأماكن السياحية التي تكاد تفصح عن نفسها من قصور ومراقب وعيون وأبار وغابات متحجرة وبساتين نخيل تنتج أفضل أنواع التمور. كان الأوائل يمارسون الصيد في قصيباء طوال العام، ففي الصيف تأتي طيور القماري والخواضير والصفار والرهو والغرانيق والدخل المهاجرة تجذبها المياه والأجواء المعتدلة وظلال النخيل والأشجار الوارفة، وفي الشتاء تأتي طيور الماء كالبط ودجاج الماء والسمقان والحبارى والقطا والدرج والكيروان والسمان وغيرها. وتعد قصيباء من أهم المناطق الزراعية، إذ كانت في السابق تعد سلة القصيم الغذائية وأكبر منتج للتمور، حيث كان يتوافد إلى سوقها الكبير تجار التمور من كل حدب وصوب، وبخاصة من البلدان المجاورة كحائل وبريدة وعنيزة والأسياح فضلاً عن أبناء البادية.
تمورها ومنازلها
من أشهر تمورها الحلوة والمكتومية والكويرية والسكرية والبرحية والرشودية والشقراء والفنخاء وغيرها. ومن الأشياء اللافتة في قصيباء كثرة الأشجار المتحجرة التي تعود إلى آلاف السنين وتدعو إلى التأمل، بل تعد جنة لعلماء الجيولوجيا، وقد نقل منها عينات إلى المتحف الوطني بالرياض في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، كما يلاحظ كثرة أطلال القصور التي يعود بعضها إلى مئات السنين ومنها قصر عنترة بن شداد آنف الذكر، وقد روي أن عنترة بن شداد كان بدويًا ولا يأبه لسكنى القصور بيد أن عشقه لابنة عمة عبلة جعله لا يراوح ذلك المكان.
وقيل إنه مر على قصر كانت به حامية عسكرية تحايل على أفرادها لإخراجهم من القصر وادعى أن ناقته قد كسرت ساقها في مكان قريب ناحية الغرب وأنه يرغب في بيعها بثمن بخس، ففرحوا بذلك وانطلقوا معه ناحية الناقة المزعومة، ولما أيقن أنهم قد ابتعدوا عن المدينة مال عليهم بالسيف وقتلهم جميعًا واستولى على القصر.
وقيل إنه بدأ يأخذ الجزية من الحجاج عند مرورهم من قصيباء نظير التزود من ماء بئره «العنترية» وكان يقابل معشوقته عبلة قبالة صخرة بين مسكنه ومساكن قومه يقال لها «حصاة النصلة» في الجواء، ويقول عنترة في معلقته الشهيرة:
يا دار عبلة بالجواء تكلمي وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي
منظر عام لقصيباء بنخيلها تحيط بها الجبال الرسوبية بئر من أحد القصور القديمة في المنطقة
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
0 التعليقات :