Image

تلخيص - ( كتاب رحلة في بلاد العرب) الحملة المصرية على عسير



تلخيص - ( كتاب رحلة في بلاد العرب) الحملة المصرية على عسير

( كتاب رحلة في بلاد العرب )

السلام عليكم ورحمت الله وبركاته:
التالي ملخص كتاب لا يستغني عنه الباحث في تاريخ المنطقة قام بتلخيصه صاحب المعرف صبي قحافة
منتدى عسير فله الشكر على جهوده ، وكنت امل ان يكمله ليتم نقله كامل، انما لم يعد يتواجد منذ شهور عدة
فنقلت المطروح من تلخيصه ،لتعم الفائدة للجميع!
مطنوخ
-----------------------------------------------------







بسم الله الرحمن الرحيم
سوف اقتبس من كتاب رحله الى بلاد العرب منجزات جميله وتتابعات من ما وجد في هذا الكتاب 

معلومات الكتاب
الحملــه المصـــريه علــى عسيــر
1249هـ /1834م

تاليف
موريــس تـاميــزيـــه

ترجمه وعلق عليه
د0 محمـد بن عبــد الله آل زلفـــه 


مما قالوا اثناء هذه الحملة

*((ما ان تحطمت وحدة المسلمين في نجد,حتى بدأ تكوينها من جديد في بلاد عسير, اِلا أن محمد علي قـّرر ان يضرب تلك الوحدة بكل قواه)){الامير دوسري ابو نقطه}

*((نحن شيوخ هذه البلاد,قررنا تفضيل الموت على ان نصبح اتباعاً لـ "محمد علي", والله يعرف عدالة مطلبنا, لا سيما ونحن نحاول الحفاظ على حماية بلادنا التي ورثناها اباً عن جدّ منذ الاف السنين . والله وحده هو الذي سيقرر مصيرنا)). { شيوخ عسير}


*((لم يبعثني محمد علي لأجمع نقوداً من هذه البلاد, وانما بعثني لأكون سيد عسير , لذلك اذا كنتم اقوياء فاصمدوا لقتالنا, زاذا كنتم ضعافاً فأعلنوا خضوعكم لحكم محمد علي.))

{احمد باشا قائد الحمله}

*((نستطيع ان نضحي بأمولنا, لكننا لن نضحي باستقلالنا,والمستقبل سوف تقرره قوتنا الحربيه, والله سيقف مع الحق)). {سفير عسير الى الباشا}


*((ولكن الذي احب ان أذكركم به هو انني سأحارب حتى ولو لم يبق معي منكم احد, وأقل ما أجنيه هو ان أموت بشرف)). {الامير عايض في مجلس شيوخ عسير}


*(( نحن مسلمون مخلصون, والله يعلم ان عزمنا هو ان نحارب حتى الموت او هزيمة جيش المشركين الذي يتقدم نحونا )). {شيوخ عسير}


*(( ان سكان عسير سيتغلبون او ينسون ما لحق بهم من ترويع, وسيعيدون بناء قوتهم من جديد, وتعود الأوضاع الى ما كانت عليه من قبل مرة اخرى. القضية ليست قضية تحقيق نصر, ولكن كيف نستفيد من النصر)). {الأمير دوسري ابو نقطه}



الجزء الاول 


على لسان شخصيه مكنها مركزها من معرفة اسرار محمد علي باشا السياسيه ..هو الأمير (دوسري ابو نقطه)


حيث انه زار الكاتب عدة مرات في خيمته وتحدثاء يشكل سؤوال واجابه عن مادار في الحمله المصريه على عسير


وبداء الكاتب بسؤواله

* ماهي الفكره من وراء الهجوم على عسير ؟!
اجابه دوسري " كانت عسير تحت امارة امير قوي يدعى علي (بن مجثل) وقد نجح في توحيد كل القبائل المجاوره ضمن سلطته , وكان عندما يدعو قواته المحاربه يجتمع اليه وبكل فخر اكثر من اربعين الف رجل مسلحين بالسهام والبنادق, وان قوة الامير عليّ هذه , اوقعت الباشا في مأزق , فقد كان علي خصماً خطيراً نظراً لقواته العسكريه, ومعتقده (الوهابي) وقد منع اتباعه من الحج الى مكه , وتوقعنا في اي وقت ان يهاجم الأماكن المقدسه لأعادة سيطرة(الوهابين) على الأراضي المقدسه, ولهذا السبب , عين باشا مصر حاكماً جديداً يدعى (خورشيد بك) ولكن تصرفات خورشيد بك غير الحكيمه أدت الى ثورة الوحدات العسكريه في هذه المنطقه , حيث تزعم الحركه الثوريه ((تركجمه بلماز)) من بدايتها, لكن تصدى لها العقيد (عرابي ) قائد الفرقه التاسعه المصريه ل القمع والتمرد الحاصله,.

تفاقمت الامور واصبح الامر صبعاً بالنسبه لـ(محمد على باشا) مما دفعه الى عدم اضاعة الوقت, والى المبادره الى اتخاذ التدابير لمواجهة تلك الظروف الحرجه حيث اصدر أوامره بارسال جيش لقمع التمرد وكانت الفرقه السابعه اولى الفرق المتحركه لأداء هذه المهمه.


قـدّم امير عسير علي بن مجثل للمتمرد ((تركجة بلماز)) مساعدات عسكريه مكنته من احتلال الموانىء البحريه اليمنيه , وفي الوقت الذي كان في امير عسير مشغولاً بأخضاع( ابي عريش) لطاعته.

لذا اعتبر محمد علي باشا اعتداء امير عسير على ابي عريش انه اعلاناً للحرب 

ومما يجذر ذكره ان الامير علي بن مجثل و((تركجة بلماز)) عندما تمكنا من السيطره على الاقليم الرئيسي باليمن والموانىء البحريه , عقدا فيما بينهم معاهدة تحالف على ان يقتسما مكاسب انتصاراتما حاضراً ومستقبلاً ,

وما ان عاد الامير على بن مجثل الى بلاده (جبال عسير) حتى خرق حليفه بنود الاتفاق كافه, فاعتبر الامير علي بن مجثل انها خيانه من حليفه . فقد عز عليه ان يبني آماله وطموحاته بحجاره ملغومة!!

ولتأديب الحليف الخائن , جمع الامير علي بن مجثل جيشاً كبيراً تحت قيادته انحدر به الى تهامه , حيث تمكن من تحرير جميع الموانىء اليمنيه والاراضي التي كانت في قبضة الاتراك , ودخلت قواته مدينة (مخا) واجبرت ((تركجة بلماز)) على تركها  فاراً بنفسه الى سفينه بريطانيه كانت راسيه بالقرب من ميناء ((مخا))


وبعد ان انتقم الامير علي بن مجثل من عدوه ((تركجة بلماز)) ووضع جمايات عسيريه في كل المدن المحررة, قفل عائداً الى ((السقاء)) عاصمة بلاده عسير استعداداً لمقاومة الحمله العسكريه التي وجهها محمد علي باشا ضد عسير بقيادة احمد باشا, 

ولكن ما ان وصل الأمير علي بن مجثل الا بلاده حتى ألم به المرض الذي لم يمهله طويلاً , حيث وافته المنيه مخلفاً وراءه ولدين صغيرين (عايض,,محمد) فتولى ابن عمه الأمير عايض أعباء الأماره ,

.............

يقول الأمير(دوسري) 
في الأيام الأخيره من اقامتنا في الطائف , شهدنا وصل مندوب من قبل الأمير عايض يحمل مشروعاً للتفاوض بينه وبين قائد الحمله .

بـــدأ المنـــــدوب العســــيري حديثـــــه بقولـــــــــــــه:

*حقيقة ان عسير ارتكبت خطاء ضد محمد علي باعتدائها على بلاد حليفه شريف (ابو عريش) الذي هو تحت حمايته, ولقد فوضني الأمير عايض بتقديم مليونين وحمسمائة الف ريال((فرانس)) 2500000 فرانك تعويضاً عن خسائركم لقاء التعهد منكم بالعدول عن مواصلة الحمله لغرض قتالنا.

فكــــــــــان جــواب احمـــــــد باشــــــــا :

**((لم يبعثني محمد علي لأجمع نقوداً من هذه البلاد, وانما بعثني لأكون سيد عسير , لذلك اذا كنتم اقوياء فاصمدوا لقتالنا, زاذا كنتم ضعافاً فأعلنوا خضوعكم لحكم محمد علي. ويجب ان تذكر ان في كلتا الحالتين فان العلم للنجمه الهلاليه ((العلم العثماني)) سيرفع عالياً على سواري ابراج قلاعكم خلال ثلاث اشهر)).

اجـــــــــــاب المندوب العســـــــيري :

**((نستطيع ان نضحي بأمولنا, لكننا لن نضحي باستقلالنا,والمستقبل سوف تقرره قوتنا الحربيه, والله سيقف مع الحق)). ثم عاد المندوب العسيري الى بلاده 

اخذت حملة احمد باشا الى التحرك باتجاه الجنوب وبلاد عسير الا انها تعرضت الى نقص المؤونه التي كانت سبب تاخرها .

ولكن بعد ذلك تحركت الحمله في اتجاهين: الاولى بقيادة احمد باشا والثانيه بقيادة الشريف محمد عون , وقد اتبع هذا التنظيم بسبب ندرة الماء الذي لايتوافر بشكل منتظم.

انتهـــــــــــى الجزء الأول 


اما الجزء الثاني اخواني الكرام

فهو يتحدث عن الطائف وعن القبائل التي كانت هناك مع حملة احمد باشا ابن محمد على باشا وايضاً تحدتث بشكل كبير عن مالزم الرحله من نواقص في المؤونه من ماء وجمال واضاً اطعمه ما ان في هذا الجزء تحدث الكاتب عن الأوديه التي مروا بها خلال الحمله على عسير امثال اودية ليّه وادي بسل كما انه ايضاً تطرق الى القبائل والشيوخ من الطائف الي بيشه ودرجات الحراره التي واجهتهم في المسير ولم يكتف الكاتب بهذا القدر من المعلومات بل انه تحدث عن ذكريات تاريخيه 
عندها اكتشف الكاتب نوع جديد من الطبابه عند البدو وللمعلوميه انها كان طبيب للحمله المصريه لعسير 
وهو علاج اللدغه من العقارب والثعابين 
عنده سال احد البدو عن العلاج فاجــــــــابه قائلاً
*حينما يلدغ العربي من عقرب فانهم يضعون على الجزء الملدوغ امعاء الخروف الصغير وهي ساخنه , ويربطون العضو المصاب بضاغطه حتى لايسري السم في الجسم مع الدورة الدمويه ,وقد يقوموا بعمل فصدات عديده مكان اللدغه,وهذا العلاج ينجح حين تكون اللدغه في الذراع او القدم للرجل .

هذا كل ما دار حول الجزء الثاني والذي كانت منطلقاً من الطائف وبعض القرى المؤوديه الى عسير 

ولم يكن في هذا الجزء شيء عن عسير لأذكره هنا فهو مرادنا من هذا الكتاب 

الجزء الثالث 



الفصل الثالث



عسكر احمد باشا والحمله التي معه لمحاربة عسير بالقرب من (مظللة), حيث الوادي منحنياً ويأخذ شكل الدائره, ومجموعه من الجبال الشاهقه التي غطة الأفاق , ولا يوجد في هذه المحطة سوى بئر واحد مبنيه, ويسمونها بئر الباشا نسبة الى (محمد علي باشا) وهو الذي كان قد حفره قبل بضع سنوات من اقامة الحمله هناك, حيث بعدها اتجهة الحمله الى (قـّيا) وبلاد قبيلة بالحارث .

وبعد ذلك مكثت الحمله عند بئر (الغزالة) التي أنشئت على مستوى السهل وقد تم حفرها بطريقه خشنه والى عمق خمسة عشر قداماً داخل الصخر, فكانت مياهها ممتازه , ويعيش بهذا السهل عدد كبير من الأرانب البريه والغزلان , وقد لاحظا من البدو انهم عندما يعطشون فانهم يتبعون اثار الحيوانات التي تنتهي عاده عند نبع ما.


اتجهت حملة الباشا بعدها الي(وادي درعا) حيث الجمال وكثافة الأشجار الخضراء ,ومجرى وادي درعا من اقوى ماقابلته الحمله حتى الأن, لكن ليس بدرعا سكان ثابتون , وسكانها الرعاه في بعض الأوقات , وسارت الحمله حتى وصلت الى وادي زهران حيث كان يحكمه الشريف منصور حليف محمد علي باشا ,

والقبائل التي كانت تسكن هناك هي *بني عمـر *بني حســـن *قريــش*بني بشــير* عـــدوان*بني قثــم.

وفي هذه الاثناء وصل احد الجواسيس الى المعسكر , وسرعان ما ادخلوه الى خيمة احمد باشا واعلم الباشا بان البدو يستعدون للمقاومة بعنف, وبدا أن الباشا قد اصبح مهموماً.


فأستئجر الباشا من قبيلة عتيبه الجمال لكي تحل محل الجمال التي ماتت على الطريق , ولكن الجمال كانت تشبه ساداتها في الأستقلال وكانت لاترغب في الخضوع والسير وراء بعضها , وانتهى بهم الأمر الى فوضى وتشتت.


وبعد مسير الحمله وصلت الى (وادي تربه) حيث كانت منبع الجمال هي الاخرى وكانت شبيهه بوادي درعا حيث كثافة الاشجار الخضراء , وبعد ان مكثة الحمله ليله كامله امر احدهم بحرق تلك الأشجار الخضراء والواحة الجميله, وبعد ان اشعلت وغطت بالدخان واللهب اتجت الحمله الى مكاناً اخر في مسيرتها الى عسير.


انتهــــــــــى الجزء الثالث واليكم الجزء الرابع


بتبـــــــــــــــــع


الفصل الرابع


خيم جيش الباشا في ((سهل فرزان)) الذي كان يعد مكاناً مناسباً للاستراحه, ومع طلوع الشمس قدم الي المعسكر خمسة عشر مندوباً يمثلون سكان بيشه , فاستقبلهم قائد الحمله في خيمته وبدأ كبيرهم الحديث معلناً للباشا عن رغبته والقبائل التي يمثلها الدخول في مفاوضات , وعدم الرغبة في الحرب .


شكرهم القائد على حسن المبارده , الاّ أنه سألهم عن الهدف الأساسي والحقيقي من قدومهم الى معسكره , فأجابه المتحث قائلاً:

جئنا لنتأكد اذا كنا سنعتبركم أصدقاء أم أعداء .
اجابهم الباشا :
هذا يعتمد عليكم كليـّه.
ورد كبيرهم :- كنا قد اقسمنا على الطاعة لمحمد علي, ولكن أمير عسير الراحل (ابن مجثل) قد اخضع بيشه بقوة لم نكن قادرين على مجابهتها , لذا فاننا نشعر بالذنب لعدم الوفاء بقسمنا الى محمد علي.

فكان جواب القائد:- انني لأقدر لكم موقفكم هذا , وسنتجاهل أخطاء الماضي ونغفرها اذا اعلنتم طاعتكم لسلطتي.

اجاب رئيس وفد بيشه :- ان رجال عسير يعسكرون على بعد يومين من بيشه , ويتمركزون في مكان استراتيجي بوادي شهران (وادي ابن هشبل) واذا ما اعلنا خضوعنا لسلطتكم , فاننا سنعرض انفسنا لمداهمة القوات العسيريه.

اجابهم القائد ان جيشه سيحتل بلادهم بعد ايام قلائل وبعدها لن تحملون هماً وخوفاً من اسيادكم العسيرين 

واجابه رئيس الوفد:- سنكون اذاً في انتظار وصولكم.

واصلت الحملة مسيرتها الى ان وصلت الى مكان يقال له ((أوراخ)) فتوقفوا هناك بسبب الأرهاق وتعب الجمال 

واتخذ الجيش من خلال وادي أوراخ طريقاً بأتجاه الجنوب الشرقي لفترة من الوقت,وبدأت الطريق وكأنها مستحيلة العبور ,ثم انحدرت الحمله عبر مسالك تملأها الصخور الضخمه ,حتى وصلت الى ممر مضيق ادى بهم الى سهل واسع جميل ومغطى بالاشجار وبها انهار وتسمــى ((كرا))حيث كانت خاليه من السكان تماماً.وبعد ان مكثوا في كرا اتجها مباشرة الى ((العقيق)) وعسكروا هنا .

وفي يوم من الأيام قرر الباشا القيام بزياره مفاجئه الى الشريف ,حيث كان الشريف ممسكاً رساله بيده, وكان منهمكاً في قرائتها بكل انتباهه, وبمجرد دخول الباشا عليه اخفى تلك الرساله تحت مخدته بسرعه فائقه ,لاحظ القائد الخطاب , لكنه تعامل على انه لم يرى شيء , فدار الحديث بينها حتى غفل الشريف واستطاع القائد ان يخطف الرساله ويخبئها , وعندما ذهب من عند الشريق ,قراء الرساله التي كانت متجهه الى عسير حيث دون فيها

(يـا أصـدقـائـي , لا تخر قواكم أمام الاستعــدادات التخــويفيــه التي يعـــدونهـــا لمــداهمة بــلادكـم , فكلمـــا كثــر أفـــراد الحملــه قـل الخــوف منهـــا , ومن الــواضح اننــي لا استطيــع فعـــل اي شـــيء من اجلكـــم, ولكـــن اضمنــوا مســاعدتي لكـــم وان لم تكــن بشكـــل واضـــح ))

لكن احمد باشا تجاوز عن امر الرساله التي كانت كافيه للقيام بالتحقيق لمعرفة كاتبها ومعاقبته بسبب تدينه وخجله وكان الباشا لايحب ايذاء احد من سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم .


عد ستة اشهر وبعد موسم الحج وفي يوم 10 يوليو 1834م - ارسل الباشا جمالاً الى (ابو عريش) يامر الشريف علي (شريف ابي عريش) بأصطحاب رجاله والانظمام الى الفرقه الثالثه , وهي جزء من الفرقه المرابطه في القنفذه لمحاربة عسير من جهة تهامه, بينما يقوم القائد بمهاجمة عسير من الجهة الأخرى اي من جهة الشرق , وهذه الخطه مؤهله للنجاح واكثر قبولاً لدى الجيش.


وصل عشرة من شيوخ بيشه غير البارزين لاعلان استسلامهم , وكان لعرب بيشه تكتيك صعب فهمه , فالشيوخ الكبار او البارزين اقسموا على ولائهم واخلاصهم لأمير عسير , ومن جهه اخرى قاموا بارسال مندوبين عنهم للباشا للاِعلان عن طاعتهم , وبذلك يضمنون عدم خوفهم من اي الطرفين في حالة تقرير مصير الحرب لصالح طرف منهم .فاقبل الباشا باستسلامهم واعطائهم الأمان من اي خطر وكان عليه فعل ذلك .


يتبـــــــــع ماتبقى من الجزء الرابع



وعندها قام الباشا امام سفراء بيشه باستعراض القوه ويريهم مدى قوته العسكريه وحداثة تسليحه , وامر فرقة المدفعيه بالمناوره ليلاً واستراض القوة امام السفراء ,

فأرسلت قوة المدفعيه قذائفها تجاه أحد الجبال البعيده عن المكان , الاّ ان سفراء بيشه قد اصيبوا بالأندهاش والرعب في الوقت نفسه مما يعرض امام اعينهم من استعراض للقنابل , 
وكان المسؤول عن القصف المدفعي ضابطاً انجليزياً يدعى (أتكنز) الذي اصيب في فخذه اثناء غلط حصل في القذائف حين ارتدت للخلف وانفجرت بالقرب من الضابط , ولكنه كان قد تحمل الألم وصبر ولم يخبر الباشا بما حدث.

عندما عاد المندوبون (سفراء بيشه) أمر احمد باشا أفراده الفرقه او الفوج السادس عشر بالتزام التصرف السليم , وكانت الحملتان المتجهتان في طريقهما الى عسير تتكونان من ست كتائب او ارط , لكي يستعرض الباشا بقوته امام السفراء امرهم بالأنقسام الى خمسة كتائب , ثم الأستعراض يشكل طابور صفين , حيث ملأ الجنود حيزاً كبيراً .


اتى الى الباشا وفد من ابناء مندوبي بيشه , وكان البعض صغيراً جداً في السن , وتقدموا جميعم لمقابلة القائد ورماحهم في ايديهم وكانوا يجثون على ركبهم عند الجلوس وعندما كان يتحدثون الى الباشا كانوا ينادونه باسمه(احمد) فتقدم واحداً من المبعوثين لايتجاوز العاشره من عمره, تقدم الى الباشا مندوباً من ابيه , خاطب القائد بكل هدوء وطمأنينه وفصاحه قائلاً:

ااني ولد احد كبار شيوخ بيشه , ونتيجه للظروف الصعبه التي نعيشها , فان والدي لايستطيع المجئ ومغادرة القبيله, وقد بعثني اليك راغباً في انشاء علاقات الصداقة معك.
اجابه الباشا:
نحن نستطيع ان نعمل شيئاً بدون مساعدتكم , ان قوتي لم يحن الوقت بعد لاستخدامها ولمعرفة ثقلها في تذليل الصعاب ولكن المجال مفتوحاً لأي محاداثات لذا, ماذا لديك لتقوله.
اخرج الشيخ الصغير من حزمته في الحال رساله غير مختومه , ورماها من غير مبالاه حيث وقعت على مقعد الباشا , وقام الباشا بقرائتها ثم قال 
يقول ولدك انه يعترف يسلطتنا ولكنه لم يضع اي شروط.
ساله الغلام الصغير وماهي شروطك؟
اجاب الباشا:- شرطي ان تقوم قبيلتك بتقديم اللحم والدقيق لاطعام جيشي اثناء مروره ببيشه , وتقديم التمر غذاء للجمال والخيل , وبهذا نكون أصدقاء.
وافق الغلام على الشرط .

ذكر الكاتب (موريــس تـاميــزيـــه) انه عندما كان بالعقيق انه واجه ثلاثين منزلاً نصفها مبني بالحجاره والنصف الاخر بني بالاجر الطيني وقد هرب سكانها حين ان علموا بقدوم الحمله اليهم ولم يتبقى الاّ المرضى والعبيد من الرجال والنساء يقول سألت واحداً من السود عما ان كان أبناء جنسه وشكله من المقيمين في العقيق جميعهم من المماليك , فكان جوابه بالنفي ثم قال:

ان البعض ممن تراهم امامك من التكارنه الأحرار , ولكن بعد الحج لمكه ساقنا قدرنا الى هنا.
سمعت انكم تبيعون أطفالكم هل هذا صحيح ام خرافه؟
اجابه: انها الحقيقه
فكان يباع العبد منهم بقيمه ضئيله جداً تصل الى ((تلري)) والتلري هو الريال الفرنسي .

وهنـــــــــا انتهـــــــى الجزء الرابع 


ترقبوا الجزئين الخامس والسادس قريباً


(الفصـــــل الخامـــــس)


13 يوليو 1834مـ


وصل سفراء جدد من بيشه يمثلون القبائل المتاخمه لمنطقة عسير, ويبدوا ان ظهورهم هنا يعد اعلان عن انسحاب العدو, سألهم القائد الباشا عن ما يحصل في ديارهم , فأجابو انه قبل ايام من مغادرتنا أرسل الامير عايض مندوبين الا ديارنا يأمر البدو بأخذ سلاحهم واللحاق بمعسكره.

لم نطعه, وكان جوابنا له : انك تطلب منا اللحاق بك وترك منازلنا وأطفالنا ونسائنا تحت رحمة الحمر(الترك) الذين اوشكوا على الوصول, وطلبك غير معقول .

سألهم القائد (الباشا) :وهل مازال رجال من عسير يرابطون في القلاع الموجوده هناك؟

اجابوا: لا, بعد ان راى الحاكم الامير عايض تخاذل الشيوخ فقرر الأنسحاب والعوده الى بلاد عسير مصطحباً معه الجيش والموظفين, وعند مغادرته كان قلبه مملوءاً بالحقد علينا , ونامل من الله ان يحفظنا.
فا أهدى الشيوخ الذين قدموا الى الباشا خيولهم.

اعتاد العرب على اهمال خيولهم , ولكن اهتمامهم ينصب على العناية بالمهرة ولها مكانه عاليه عندهم ,وكانت عسير تمتلك أحسن الخيول العربيه في يومنا هذا, لأن علياً(ابن مجثل) كان يأخذ كل فرس تتميز وتشتهر اثناء حملاته, وعند وفاته ورث أولاده ثلاثمائة مهرة لاتقدر بثمن, 

والحصان دائماً يدعى لأبيه اما المهرة تدعى بأمها , هذا ماكان العرب يقتدون به بالنسبة للخيول .

وفي هذا الوقت أعلن عن وصول الجيش الثاني بقيادة محمد عون الذي ترافقه شخصيات مهمه امتطى الأشراف المقيمون بمعسكرنا خيولهم وهرعوا لأستقبالهم. 

حيث بدلاً من ان يكون استقبالهم للشريف محمد بن عون ,كانوا في استقبال محمد بك على رأس فرقه مكونه من ثلاثمائه من الخياله.

فقد كانت حرارة الأستقبال والأستعداد الذي اعد لهذه المناسبه أمراً مستغرباً, وكان يتقدم فرقة الخياله تحت قيادة (محمد بك) أعلام بيضاء محاطة اطرافها بدوائر خضراء, وفي اركان تلك الأعلام يقع الهلال (علامت العلم التركي) 


وكان هناك خطاء, حيث كان المتوقع ان يكون القادم هو الشريف محمد بن عون, فعاد رجال المدافع الذين كانوا على أهبة الاستعداد لاطلاق مدافعهم- تحبة لسلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


يتبــــــــــــــــع



بعد قليل من وصول حملة محمد بك فأذا بأطلاق عيارات بنادق الـ(مسكاتي) واغاني واهازيج معلنة وصول جيش الشريف منصور غير النظامي من البدو(زهران) ومن ضمنهم اربعمائه وخمسون يحملون بنادق رشاشه , ومائتان منهم يحملون رماحاً تتراوح أطوالها مابين القدمين والثلاثة اقدام.


وكانوا يشكلون صفوفاً يتكون كل صف من عشرة اشخاص يتبع بعضم بعضا, بينما تظر الجمال التي تحمل الأمتعه خلف الصفوف , وكان اثنان من البدو يرتديان ملابس جوخ حمراء, ويحمل كلاً منهما علماً ابيض, وكان الشيوخ من الدرجة الثانيه يشكلون صفاً يحيط بشيوخ الدرجة الأولى .


تقدم بعض البدو وهم يخترقون الصفوف الى الأمام في رقصات استعراضيه وبنادقهم مشحونة في ايديهم, حيث كانوا يطلقون في الهواء ثم يعودون الى صفوفهم بطريقتهم الأستعراضيه وتتكر هذا الطريقه بالنظام نفسه, ومضى جيش الشريف منصور في تقدمه وأفراد يغنون ويرقصون في صفوف منتظمه.


كان الباشا والشريف الكبير(ابن عون) ينتظران وصول الجيش بالقرب الى المخيم, بينما قام الجيش القادم بالتحلق على شكل دوائر على خيمة الباشا واخذ له نظاماً دائرياً, وكان الجيش يرددون اغاني مع الحفاظ على نظام نغمات الصوت تحيه للباشا وكان من قولهم ((المجـد للحمــر, والتقـــدم للعـــرب))


عرف كبيرهم بهم وقال : نحن ستمائة وخمسون رجلاً , انه عدد الجيش الذي جاءوا لتلبية الشريف منصور.

قال احمد باشا: انا اعرف ان الشريف منصور حليفنا المخلص وقد وعدنا بتزودنا الفي رجل وسيحافظ على وعده, لذا اذا كانوا البدو قد تجاهلوا هذا فانه بسبب عصيان بعض الشيوخ ولكن لابد ان يعلموا ان لم يأتوا للمشاركه في الحمله ((فــانني أقســم بالله أن اقطــع رؤوسهــم, وعليكـــم با بلاغهــم)).

فاوصل بعد ذلك سريتان من الكتيبه السابعه مع وحدة مدفعيه مصحوبة ايضاً بأمتعتهم وامتعت الشريف.

هنا قرروا ان بيشه ستكون هي المحطه القادمه لتجمع الجيش.

منذوا فتره طويله ومحمد علي يعرف مدى كره العرب للأتراك ولهذا فانه في حالة السيطره على عسير سيرشح لأمارتها عربياً قد تلقى تعليمه من المدارس المصرية في القاهره, ويرى انه محل ثقه, هذا العربي هو (ابن ابو نقطه) و ابو نقطه هو احد الشيوخ المشهورين الذي لعب دوراً كبيراً في الحروب مع الوهابين, ويدعى ابنه ((دوسري ابو نقطه)) 


تعريــــف بــ((دوسري ابو نقطه))

يبلغ دوسري من العمر 35 سنه, معتدل القامه يميل الى البدانة على غير صفة البدو, ولد في وسط جبال عسير , وتعلم في القاهره على أيدي الأتراك, وله سمات مشتركه مع العرب والأتراك, عيناه العميقتان , لونه الأسمر, شعره الأسود كل هذه الصفات مستمده من اصول العربيه, بينما بدانته , وطريقة مشيه, وعد اكتراثه فهي صفات عثمانيه بحته, وهو يتكلم بطريقه لطيفه وكلمات منقاه , ولا تجد هذه الطريقه الاّ عند المشايخ الكبار والمتعلمين, .

يقول دوسري عندما ارسل مع الحمله ووطئت اقدامه عسير, احسست بمشاعر وطنيه تنموا في اعماق نفسي, قابلت بعض اقاربي واهلي واصدقائي منذو الطفوله, ان رؤيتهم مرة اخرى منحتني بالسعاده التي تنتظرني في وطني , ولكن السعاده الحقيقيه تاتي بعد ان اضم ابني الذي لا اعرفه حتى الأن, حيث كانت زوجتي حاملاً في شهورها الأولى عندما غز محمد على عسير وفرق بيت حبيبن, واذا حالف النجاح بنادقنا, فسأستوطن بلاد عسير واصبح وحداً من ابناء بلدي انه احسن بلد في العالم((عســــير)).


وهنـــــــا انتهـــــــــى الجزء الخــــــامس


ترقبوا الأجزاء المتبقيه قريباً



الفصل السادس



(17 يوليو 1834 مــ)


وعند مغادرتنا العقيق, تتبعنا بطن الوادي لمدة عشرين دقيقه, وبعد ذلك اصبح عبور المياه المتدفقه بشده في اتجاه الجنوب أمراً مستحيلاً, ولكي يغادرو الوادي لابد ان يتسلقوا التلال الجافه متخذين من الواديان الرمليه الخاليه طريقاً, حتى وصلت الحمله الى مكان يدعى (توراق) حيث قرروا الاستراحة هناك .


وقبيل منتصف الليل بدقائق قليله, شاهدنا بدوياً قادما وقد بان عليه اثار الأنهماك والتعب , فاسئله الباشا من اين انت , وماهو الجديد لديك, انه من بيشه وقد تقدم قائلاً للباشا,, لقد بلغ العرب الذين يعملون على خدمة عسير اهل الوادي((بيشه)) بالأستعداد واستخدام القوة لمجابهة حملتكم , وقد استجاب البدو لهذا النداء وهم على هبة الأستعداد انتظاراً لمجابهتكم.

لقد شك الباشا في امر الامراء الذين اتوا اليه في العقيق انهم مجرد جواسيس فقط ولكن البدوي اكد للباشا بانهم ليسوا كلهم , وقد حمل البدوي للباشا خطاب , تناول الباشا الخطاب وبعد ان قراء ما وجد في هذه الرساله اهدى الى البدوي (عشرة تلريز). وأرسل القائد الى شريم بك في العقيق الى التحرك والأنظمام الى القوة فوراً .

وبعد قتره بسيطه وصل اشخاصاً يمتطون جمالاً محليه من الجهة المعاكسه للمعسكر,وعندما اقتربوا من مقدمة الجيش , ترجلوا من على جمالهم وذهبوا لمقابلة القائد , وأعلونوا له طاعتهم , وتقديم خدماتهم , وقد اكتشفنا فيما بعد انهم من شيوخ بيشه, وقاموا بتعريف انفسهم للباشا , وكان مطلبهم من القائد احمد باشا طلب الكرمه والحمايه في نفس الوقت , وكان جواب الباشا لهم((أهنت بمخادعتكم و "لفكم و دورانكم" وسيكون لهذه التصرفات حد))


قال شيوخ بيشه : لقد بعثوا العسيرين الى بلادنا ستمائة من المشاه واربعمائة من الخياله ويطالبون بجمع الضريبة السنويه . فكان رد الباشا لهم انهم اذا استجابو لهذا الجيش الصغير(عسير) فانه يعتربه تمرد منهم, وهددهم باقتلاع اشجار نخيلهم, واحراق قراهم , وانه سوف يضع رقابهم تحت حد سيفه.

اجابوا شيوخ بيشه:
منذ بضع سنوات ونحن ندفع الجزيه لعسير, واذا امتنعنا فان ذلك يعني تعريض انفسنا لرعب الغزو العسيري.

يتبـــــــــعِ




قدم عبداً اسود وقدم نفسه للقائد قائلاً:- انا مبعوثاً من سيدي احد كبار شيوخ بيشه. ويبلغك انه خائف على حريته , فان عفيت عنه سيأتي بشخصه ليشكرك, وان كان غير ذلك فانه سيهرب. قال له الباشا انني عفوت عنه . وقبلت استسلامه, وبعدها تسلق العبد الأسود التلة المجاوره ثم نادى بأعلى صوته , ثم عاد من تلك التله الى الباشا , ولكنه لم يكن بمفرده بل كان معه الشيخ ماشياً امامه . 

ونتيجه للمحادثات التي كانت بينهم , تعهد رئيس بيشه بالدفع لخزينة الجيش ما كان يدفعه من قبل لأمير عسير, بلأضافة انه سيزود الجيش بما يقدر عليه من جمال وخيول . ثم قدم الباشا هدية عبارة عن غطاء للراس من صناعة الهند , وعبائه حمراء مخططه .

وفي هذا اليوم اندهش الباشا ومن معه من قدوم الشيخ ناصر بن هيف الفويه ((شيخ شهران )) وهو قادم للمعسكر معلناً للباشا بأن والده قد تخلى عن حزب عسير وانه بعثه ليعلن استسلامه , وقد استقبل بكل حفاوةً وتكريم وتم تلبية مطالبه من الباشا , وبعدها غادر حافي القدمين ومعه غترة وعباءه مخططه اهداهما الباشا له .


يقول دوسري في رد له للكاتب:- ان استراتيجية العسيرين هي التراجع حتى تنفذ مؤونة جيشنا .ويعتقد في قوله ان محاولة الباشا سوف تكون عديمة الجدوى , في ظل هذه الأستراتيجيه التي يقوم بها جيش الأمير عايض .

ويعتقد رجال عسير بأنه يرافق الحمله الكثير من المسيحيين , لأنهم لا يفرقون بين الجيش المنظم بالطريقة الأوربيه والأوربيين انفسهم , انهم يعتبرونهم جميعاً غير مؤومنين , ومغرراً بهم .

ولقد عانى جنود الباشا الكثير وذلك سبب قصر النظر لدى الضباط الأتراك , وقد توفي احد الجنود بسبب العطش والجوع ولأنهماك ايضاً , والبعض منهم في حاله صعبه ولكن تدخل الأطباء الأوربيين كان له دور, حيث ان المستشفى المعد للحمله ترك في بيشه تحت حراسة سبعة من الجنود الاّ انه قد سرق من البدوا وقتل الحراس.


ان العسيرين يعسكرون على حدود تنيه لكسبهم الى جانبهم, ولهذا السبب عجل الباشا الى مداهمة ثنيه لمباغتة العسيرين, الاّ انهم اخلوا المكان قبل وصول الجيش بأربع ساعات , وأخذوا العسيرين ستين جملاً بالقوة من سكان تلك القريه (ثنيه) , وبمجرد ان راى الشيخ سعيد شيخ ثنيه فز لجمع مائة فارس واربع مائة رجل للحاق بالعسيرين.


تطرق الكاتب الى ما شاهده من جمال رنيه وواديها , ويقول اننا عندما دخلنا وادي رنية لم نجد بها سوى النساء والأطفال , والعبيد الذين يطلقون عليهم اسم (تكارين) , ويتحدث الى حسن نساء رنيه وحسن معاملاتهن .


انتهـــــــــى الجزء السادس


ترقبوا الجزء الأكثر حماساً قريباً الجزء السابع


الفصل السابع


(22 يوليو 1834 مـ)


ظهرت على دوسري ملامح البهجه والسرور عندما رأى عرب بيشه يخرجون لأستقبالهم , ويقول دوسري ان البدو ليس لديهم جديد وان الشريف منصور صديق وحليف الباشا , ولكن صداقة سكان بيشه مازالت أمراً يشك فيه.

وبعد وصول الحمله الى مكان يدعى (مروة) وجدوها خاليه لا سكان فيها , ولكن ما ان اسدل الليل ظلامه حتى تقدم اوائل السكان معلنين خضوعهم وطاعتهم . لكن الباشا اعتبر تأخرهم عن المجيء انهم وضعوا انفسهم في حكم العاصي.

الاّ انهم برروا موقفهم قائلين:- ان العسيريون لم يغادروا قريتنا الاّ تواً, وكان من المستحيل ان نقف امام جيشهم.

ولكنهم ليسوا بعيدين عن قريتنا, فانهم اذا كان ممشاهم عادياً فسيكونون على بعد أربع ساعات من هنا .فقال الباشا سنلقى عليهم القبض فيما بعد . لكن عليكم الأن ان تعترفوا بـ((محمد علي باشا)) . وبعد ذلك انتقلت الحمله من مروة الى بيشه , يسوقون امامهم ما أغتنموه من الغنم والجمال والحمير .

(23 يوليو 1834 مـ - الأقامة في بيشه )


وكان يحكم منطقة بيشة ثلاثة مشائخ , واسمائهم هي : 1- ابن شكبان ( شيخ قبيلة الرمثين في شهران)) .

2- محمد بن عون ( زعيم قبيلة ال مهدي القحطانيه)) . 3- علي الصيعري (زعيم قبيلة بني سلول من شهران)) .
ويتمتع هؤلاء الشيوخ الثلاثة بسلطات متساويه , ويتخذون قراراتهم برأي الأغلبيه , وكل مشايخ بيشه تحت وصايا سلطة المشائخ الثلاثة المذكورين .

ان الأغلبيه من سكان بيشة مزارعون, ولم يحدث ان خرجوا الى خارج واديهم لرعي ابقارهم وأغنامهم , ويعيب البدو على سكان بيشه سكناهم في البيوت المبنية من اللبن, وبسبونهم لأتخاذهم الفلاحه مهنه , ولا يتزوجون من نسائهم لأعتقاد البدو ان ابائهم لا يتمتعون بأصالة النسب لذا فأنهم يطعنون نساء بيشة في اصالتهم , ولا يمانع اهل بيشه من التزواج مع الترك والمصريين , بينما يحمل العرب الحقيقيون الكره العميق لهذا النوع من الزواج.


قدم رجل من عسير للتو وقدم نفسه للباشا , قم قال: انه جاء حاملاً رساله , ثم افاد ان شيوخ بلاده غير مستعدين للقتال , وادعى انه بمجرد وصول الحملة الى وادي شهران فان كل واحد سيعلن استسلامه, ماعدا ثلاثة من كبار المشايخ الذين سيتحصنون في قرية ((ريده)) المحصنه بعدة قطع مدفعيه يديرها الأتراك من بقايا جيش ((تركجه بلماز)).


كان الكلام الشفوي لحامل الرساله يتناقض مع مضمونها من الأمير عايض , فهي تحمل جواب الامير عايض على مشروع المحادثه التي قدمهما هندي للباشا في الطائف , حيث انه تجديد الدعوه للباشا بالعوده بجيشه وسيمنحهم المال مقابل ذلك , وقد اعلن امير عسير (انه سيقاتل الى اخر رجل) ان لم يقبلوا بالتعاهد .


يتبــــــــــــــــــع



لقد تجمعة القوات العسيريه في مكان لايوجد به سوى بئر ماء واحد ة ومحصنه بالقلاع, وللوصول الى هذا المكان لابد بالمرور من مضيق ذي انحدار عميق تشرف عليه جبال عاليه , وفي هذا المكان كاد احمد باشا ان يستسلم في ادى حملاته الماضيه , , مع انه كان يصطحب معه ستة افواج من العسكر وعدة الاف من البدو , انه هذا المكان نفسه الذي الان يتجمعون جيش عسير فيه .


ومع ذلك, وصلت اخبار الى الباشا تشير الى تفكك عرى الوحده , فان قليلاً جداً من الشيوخ لا يزالون يصدقون في التزامهم بينما هناك عدد من الشيوخ الكبار أبلغوا الباشا بواسطة مبعوثيهم بما يلي (( تستطيـــــع ان تعتبــــر عســـير خـاضعـــة لسلطتكـــم , اذ لا نحــــب ان نرى أنفسنـــــــا وقد أصبحنــــــــا عبيـداً لك ونجبــــــر علــى تسليــــم كــل مانملكــــه لـــكـ )).


تم الأعلان عن وصول الحمله الثانيه , التي تتكون من ثلاثة سرايا او فرق . وبعد ذلك , قدم مبعوثون من عسير , واكدوا قيام حزب في بلادهم يرغب في الأطاحة بحكم الأمير عايض واعطائها لأبن الأمير على بن مجثل , لانهم كان يعتقدون ان فترة الأب ابن مجثل كان قوة وسعاده للأقليم طوال حكمه , ويرجون من الله ان يحفظ الاقليم بالطريقه نفسها في عهد وريثه الشرعي . 


26 يوليو 1834 م


قام فوجان من الجيش في هذا اليوم , بمناوره بالذخيره الحيه أمام سفراء عسير , وأطلقت ثلاثة صواريخ , وانفجر أحدها بالقرب من مدفع الأطلاق , ومن حسن الحظ لم بتأذ أحد .

كما قدم خيال من القنفده أفاد بأن مختار أغا رئيس الخياله المرابطين في تهامه قام بهجوم على منطقة امارة عسير بتهامه واحرق عدد قرى منها ((حلــي))التي تقع بين الحجاز وابو عريش, واورد مندوب خطاب حمله من شيوخ عسير في تهامه وجاء في الخطـــاب:

*((نحن شيــوخ هذه البـــلاد, قـررنــا تفضيـــل المـــوت على ان نصبــح اتباعاً لـ "محمد علي", والله يعــرف عدالــة مطلبنـــا, لا سيمـــا ونحن نحــاول الحفـــاظ على حمايـــة بلادنــا التي ورثنــاها اباً عـن جــدّ منــذ الاف السنـــين . والله وحــده هو الــذي سيقرر مصيــرنــا)). 


يتبـــــــــــع للجزء السابع قريباً



كان موقف الحملة في الحقيقة غير مطمئن , اذ وجدوا انفسهم وسط الجزيرة العربيه بآفاقها الصحراوية , وقد كانوا عوضة لنقضاض سكانها عليهم , ونتيجة لمخادعة العدو وبطء حركة الشريف , أصبح الجيش لا يملك من المؤونة والماء الاّ مايكفيهم لمدة ثلاثة عشر يوماً يوماً . ولذا ارسل الشريف منصور الى مختلف مشائخ وقبائل بيشة في طلب الجمال اللازمة لنقل مهمات الحملة كما انه طلب منهم الحصول على الدقيق بمقدار مايكفى الجيش.


وبعد مناورات بالذخيرة الحيه واستعراض جيوش الباشا والشريف امام اعين السفير العسيري (عواض) , اتضح على ملامح المبعوث العسيري الخوف والهرع مما رءاه , وقال للباشا : نحن اناس فقراء فلماذا يأحمد ترغب في حربنا؟ اجابه الباشا : انها ارادة سيدي وهي ان اصل بهذا الجيش الى عسير , والجيش سيعمل على تحقيق ذلك .


هنا تقدم (عواض) بعرض مشروع على القائد . ولا احد كان يعلم كيف كان ذلك وفكرة المشروع الذي قدمه عواض وقد كان المشروع كلأتي : ان يقوم القائد بارسال الشيبي أفندي والشيخ سعيد الى عسير ومنحهما الصلاحيات المطلقة لتوقيع معاهدة السلام . ولذا وكما اتضح ان الشيخ سعيد كان مقرب للعسيرين بينما كان الشيبي افندي من المقربين الى الباشا .


سال الباشا سفير عسير (عواض) ان كان هذا المشروع من افكاره ام ان هناك من ارسله ليتفق مع الباشا حول هذا المشروع الذي طرحه , لكن كان جواب المبعوث العسيري انه هو الذي الذي فكر في هذا المشروع دون ان يعلم احداّ بذلك لكي يتم الصلح بين الطرفين , وقد اكد المبعوث العسيري ان هذا المشروع هو الطريق الذي ستنجيهم من الحرب . ولكن الباشا طلب ان تم الموافقة عليه من قبل العسيرين فلابد من ارسال خطاب رسمي يتظمن الموافقة حول هذا المشروع .


(( أوصاف السفير العسيري "عــواض"))

رجل صغير الجسم ونحيف , ومن العادة ان تكون تلك الصفات مناسبة للدبلوماسيين , ولهذا السفير وجه اسمر نحيف ومستطيل , وله لحيه تغطي عوارضه , وعيناه سودوان عميقتان تنمان عن يقظه مستمره , ويبدو عليه الأهتمام البالغ بالمشكلات التي تواجهها بلاده , حيث انه كان يضع يده على خده دائماً , ليسند بها رأسه .وكان يرتدي ملابس جميله مع حزام مغطى بحلية ذهبيه .


27 يوليو 1834
 الأقامة في بيشة


كان الشيوخ يرسلون جمالاً كل يوم , ولكن انقطع البعض منهم في ارسال الجمال , وفي هذا الصباح ضاق الباشا ذرعاً بتصرفات الشيوخ الغير المخلصين , ولذا وزع الباشا الفؤوس على الجنود وعلى جنود فرقة الخياله للقيام بقطع أشجار نخيل الشيخ علي الصيعري , الاّ ان الشريف عون طلب من الباشا مهلة ثلاثة ايام .

قدم الى المعسكر في المساء مندوبين يمثلون رجال المع يعرضون تعاونهم مع الباشا ضد العسيريين .

(ورجال المع اسم قبيلة قويه تقع مابين "ابو عريش" وعسير, وهي تقسم الى قسمين : رجال المع الحجاز ورجال المع اليمن .وهذه القبيلة قادرة على تنظيم جيش من سبعة لآلاف مقاتل , ولكنها انهزمت أمام بسالة الأمير علي بن مجثل .

وكان الباشا مسروراً جداً لأستسلام هذه القبيلة الكبيره عدداً , الاّ انه كان يخشى ان يحقق النصر الذي حققه علي من قبله . وقد كان الشريف محمد بن عون لايترك فرصه تمر دون ان يقوم بفرض احترامه على رجال القبائل.


((وفي الوقت نفسه وصلت اخبار السفير العسيري ( عواض) للباشا الى انه لم يحقق اي نجاح في مهمته .مع العسيرين))


احس اهالي عسير بأن الحملة التي قدمت اليهم من القنفذه قد سيطرت على بعض مواقع حدودهم الغربيه , وكذلك دخول قبائل رجال المع الى جانب الحملة المصريه على عسير جعلت الباشا اكثر اطمئناناً ورجال المع معرفة تامه بطرق عسير كامله . 


هدد الباشا اهالي بيشه بقطع اشجارهم ونخيله , فسارع البدو الى تقديم الطعام والجمال والمؤن الأخرى الى المعسكر كل يوم , واضافة الى ذلك قدم اهل بيشة للجيش الف أردب (1000) من القمح والقي اردب من الطحين .


وفي كل هذه الأحداث أصدر امر من الباشا بتخلي الشيخ علي الصعيري عن منصبه, وذلك اثر غضب الباشا عليه بسبب عدم اعطائهم المؤونه , وقد اجمع احد الشيوخ في احد الأسواق وأعلن وبصوت عال نبأ اقالة الشيخ الصعيري من منصبه كواحد من شيوخ بيشة الثلاثة الرئيسين , واعلن عن اسم الذي حل مكانه في المنصب .



انتهـــــــــــى الجزء السابــع



(الجزء الثامـن)



30 يوليو 1834 مـ 


تعريف بالشيخ علي الصعيري احد شيوخ بيشه ووصفه

علي الصيعري رجل معتدل القامة وبالرغم من كبر سنه الاّ انه تظر عليه ملامح الرجل المحارب , يمشي حافي القدمين الاّ انه وفي ظروف نادره وطبيعيه يمشي بحذاء مصنوعة من جلد الجمل وهو الحذاء الطبيعي لأبناء وطنه , له صدريه مصنوعه من القماش الخشن , وثوبه من القماش الرخيص , وغطاء رأسه يتكون من غتره مربوطة بقطعة قماش بيضاء , ولعي الصعيري ولع جنوبي في حمل سيفه بيده دائماً , ولم يكن يرضى بلبس الحزام الأوربي او الشرقي المزين بالحرير, وسيفه سلاح من صناعة فارسية وكان متعلقاً بهذا السيف ولايريد به اي ثمن كان , 
لعي الصعيري رأس جميل الشكل , وله عينان سوداوان مشعتان ومكحلتان ولهما رموش سود , وله انف مقوس , وذقنه يميل (الدقاقة) وفمه متوسط , وله لحية بيضاء كثيفه .

قصّ علي الصعيري قصة حياته ومعانته بالطريقة الأتيه:

((كنت مازلت شاباً عندما ترك محمد علي ضفاف النيل الجذابه سائقاً نفسه الى بلادنا الصحراوية تدفعه الإدارة الجامحه لأخضاعنا لحكمه , وأقسم البدو الذين لانتقصهم الشجاعه الى محاربته والحفاظ على بلادنا الاّ ان ارادة الله لم تشاء لنا ترجيح ميزان الحرب لصالحنا . قام علي محمد بإلقاء القبض على رجالنا ومصادرة اموالنا , واجبرنا على المخاطرة بحياتنا من اجله.. وبعد ان أمكث في بيشة عدة ايام غادرها محمد علي مفتخراً بأنتصاره بأتجاه جبال عسير وأجبرنا على مرافقته الى هناك وساعدنا ه في القضاء على ابناء بلادنا , وبعدها غادر محمد علي الى بلاده محملاً بالغنائم الى مقره.

في السنة التالية , ثارت جميع القبائل الخاضعة لحكمه العسكري , وامتنعت عن دفع الضرائب التي كان قد فرضها عليهم , لأن ذلك كان مؤلماً لهم , وهو ان تضحي بأنفس وأموال من اجل اجنبي تركي مستبد , وقام حسن باشا حاكم الحجاز بابلاغ سيده في مصر عن تطورات الأوضاع في جبالنا , فبعث محمد علي بقوات من اجل اجبارنا على طاعته, وابلغونا جواسيسنا بأن الجمله التي ارسلها محمد علي قوية ومتقدمه نحو بلادنا , فضاعفنا استعدادنا الحربيه بجمع قوات القبائل.


يقول الصعيري ان ومنذو الحرب الأخيرة , اكتسبت بعض التجارب حيث اصبحت مؤهلاً لأحتلال اعلى مرتبة في جيش العرب, ومالبث الى ان أقبلت سحابة من الغبار معلنة عن وصول جيش العدو , وقابلنا الهجوم بهجوم جنوبي معاكس , ولكن النتيجة كانت هزيمة لنا امام صلابة جيش حسن باشا , تراجع العرب بسرعة أكثر من سرعتهم عند الهجوم , وقام جيش حسن باشا نشدون ويقولون النصر المتعة للمنتصرين وأنات الألم للمهزوم.

ثم قام الشيخ الصعيري بجهد لجمع أربعمائة رجل وتحصنا في القلعة ,كأخر أمل في النجاة من تسلط جيش حسن باشا, جيث كان الأعتقاد السائد في بلادنا ان الأقواى هو الأجدر بالأحترام) فخضعت القبائل جبناً تحت رايات العدو , وتم ابلاغ حسن باشا بأنني كنت المسؤل الوحيد المتحرك للثورة, وشعرت ان لا أمل في نجاتي , ولذلك صممت في البقاء في قلعتي وسلاحي بيدي على ان لا أموت بطريقة مخجله.

بعد يومين من الهجوم أرسل حسن باشا ضابطاً تركياً كوسيط فأتي ذلك الضابط الى القلعه وكنت في ترقب له من اعلى القلعه ثم رمى ورقة كان يجملها وبعدها انصرف الى جيشه , وفتحت رسالته وقرأت كلماتها الأتية ( علي الصعيري , عليك بالأستسلام قبل غروب الشمس , والاّ فستكون هذه اخر ليلة في حياتك). لم أخبر احداً بهذه الرسالة وبعد صلاة المغرب عاد الضابط نفسه الى القلعة مرة اخرى ممتطياً جواده , وبمجرد ان رأيته رميت له بـ (بالجواب) مرفقاً به ردي على حسن باشاوذكرت بها (( تعرف ان أسوار هذه القلعة مبنية من طين , ولكن هناك شيء حقيقي تجهله وهو ان أيدينا مصنوعة من حديد)) .


في الصباح التالي شاهدت مأئة رجل من جيش العدو المسلحين بالبنادق يتقدمهم حسن باشا , لم أكن مندهشاً من قراره هذه لأنني توقعته , ولكن ما ألمني أكثر هو انني أرى ابناء بلدي يرافقون قواته للقضاء علينا, وبعد هجومهم الاول علينا أكتفوا برمي الطلقات علينا وحصارنا لمدة اربع ايام ولكنها لم ثؤثر مطلقاً , وفي اليوم الخامس من الحصار قام الجيش برمي القنابل وكان لسوء الحظ اننا لم نستطيع الرد بالمثل , وذلك سبباً لان الجزيرة العربيه لايمتلكون مثل تلك القنابل ,.


تابع



يقول الشيخ علي الصعيري وهو يكمل قصته مع حرب ضد جيوش حسن باشا

في يوم من الأيام وانا أقراء القراء الكريم داخل اسوار قلعتي ومازال الحصار قائماً على قلعتي فإذا بقنبله من حديدج تقع امامي ثم تنفجر انفجاراً شديد ولكن الله سبحانه وتعالى انقذني منها فقد كنت منهمكاً انا وجيشي كثيراً من هول القنابل التركية التي ترافق الحملة المصرية , وأستمر الترك في قذفنا بالقنابل, تركت مكاني وذهبت الى احد المتاريس , وكانت معنويات رجالي على غير مايرام بل هي اقرب الى التراجع , لذك رأيت انه لابد ان استخدم كل سلطاتي لتثبيتهم على القيام بالواجب , وعملت بعض الخطط لجعل القنابل لاتنفجر ووكلت احد المقربين بقطع الفتيل للقنابل بل ان تصل الى البارود ونجحوا بشجاعة في عملهم الاّ ان الكثير منها تفجرت ولم يستطيعوا قطع الفتيل منها .

وبعد ان ثناترت وكثرة علينا القنابل جمعت رجالي وقلت لهم ( ايها الأصدقاء , لقد وجدت طريقة تجنبنا اضرار هذه الأله الجهنمية , والطريقة هي:: أغلقوا منافذ مياه الأمطار في فناء القلعة , اجلبوا مياه البئر وأغلقوا بها منافذ القلعه, وما ان حان وقت الظهر حتى اصبح كل الفناء مغطى بالماء بأرتفاع ست بوصات , وفي اثناء قيامنا كنا نسخر من قنابل حسن باشا .


احتار العدو في استحالة انفجار القنابل داخل القلعة وبدأو يتساءلون عن السبب , ولكن سرعان ماقبض جيش العدو على أحد جنودي وكان حديث عهد بالزواج ويطلع اخر الليل سراً الى زوجته , قبض عليه جيش العدو وأرسلوه الى حسن باشا واجبره رغماً عنه عن الأعتراف بالأستراتيجية التي تستخدمونها في ابطال القنابل , فأعترف بها ذلك الجندي , أندهش القائد عندما سمع عن تلك الأستراتيجية التي انتهجناها , وهذا جعله يغير من خطته كمحاولة أخيرة لإجبارنا على الأستسلام او مهاجمة القلعة بالقوة .


فكانت خطته ان قام بحفر نفق من خارج اسوار القلعة , ويمتد تحت الارض حتى نقطة مركز فناء القلعة , ثم زرعه بالألغام المتفجرة , حيث كان يريد نسف القلعة برمتها , الاّ ان الله اراد لنا النجاة , حيث هطلت امطار غزيرة غمرت مياه النفق فأبطلت المياه مفعول تلك القنابل المتفجرة , وقتل بعض جنود العدوا الذين كانوا داخل هذا النفق , وأمرت بسد تلك الأنفاق بالحجارة والطين , وتمكنا من خلال فترة الحصار قتل الكثير من جيش العدو وكنا نبني في الليل الثغرات التي احدثتها القنابل .


وأخيراً وبعد الكثير من المحاولات الفاشله لحسن باشا , ارسل اليّ رساله مع احد فرسانه رميت الطريقة السابقة ,وكان مضمون الرسالة هو ((إذا لم تستسلم في الغد فسأقوم بقطع كل أشجار نخيلك)) . وكانت تلك الأشجار هبه من الله لبلادنا وهي تحتاج الى سنين طويلة من العناية الفائقه , وكانت تلك الأشجار بالنسبة لي مصدر سعادتي ورزقي وهويتي الوطنية , فهل سأبقى داخل قلاعي وعدوي يقطع اشجار بلدتي ؟ ولكن ومع معرفتي انني سوف احرم منها بقيت مخلصاً لواجبي كجدني.


فرددت على حسن باشا بكل ثقة وقناعة بالجواب الأتي ((لو كانت اشجار بلدتي مزروعه داخل هذا الفناء لم تجرأت على قطع واحدة منها , ولكن طلما لن استطيع عمل اي شي خارج قلعتي فإرادة الله هي الغالبة )) .

قام هذا البربري بتنفيذ تهديده , اما انا , فقد صعدت على شرف القلعة لأكون شاهداً على ما اراه , وكنت اشاهد الأشجار والفؤوس تهوي عليها , ثم تتساقط الأشجار سقوط الأبدي , وكانت كل ضربت فأس على تلك الأشجار وكانها تهوي على ثقل في قلبي .

قاربت ذخيرتي على النفاذ بالأضافة الى انني فقد كل الامال في نجدة القبائل المجاورة , ولذلك أصبحت مضطراً لوضع حد لتك الحرب الغير مثمرة , وقبول شروط الأستسلام المشرف التي كان حسن باشا يعرضها عليّ دائماً, وبعد قبولي شروط الأستسلام باشرت والألم يحز في النفس بغرس شتلات نخل جديدة على انقاض الأشجار المدمرة وذلك قبل مرافقة سيدي الجديد في حرب ضد عسير.


بعدها تمكن حسن باشا من فرض سيطرته على عسير واجبار الناس على دفع الضرائب ثم عاد الى الحجاز , وقد عدت انا بعدها الى بيشه لكي استرح بعد الأنهماك الذي مر عليّ في تلك الحرب , ولكن وقبل ان يصل حسن باشا الى الحجاز ثارة قبائل عسير , وأعلنت استقلالها ورفضت دفع الضرائب في السنة التالية.



يتبع الجزء الثامــن



كان الأتراك يطلقون علينا عصاه , ولكننا لم نكن نعتبر انفسنا عصاه , بل ثورة من أجل الحرية التي افتقدناها في ظل الحكم التركي , وكانت تلك الحرية سبباً في الكثير من المشكلات مرة اخرى , حيث قام احمد باشا قائد الحملة الحالية يقيادة حملة اعاد بها سلطات محمد علي على الأقليم , وأجبرت على مرافقته ضد عسير , حيث تمكن من اخضاعها مرة اخرى , وعاد بعدها الى الحجاز وتم تعيينه ولياً للحجاز من قبل محمد علي.


وكانت الحامية التركية قد عاملت السكان بكل ازدراء , وعم ظلم الأتراك ومارسوا طريقتهم العثمانية في ممارسة العدل العثماني بالكرابيج , متناسين ان تلك الطريقه لاتصلح للمارسة مع قبائل مستقلة فخورة بمثلها , وم استياء الناس من المظالم سلط الله عذابه انتقاماً من الظالم , حيث عم الجفاف والحرارة على البلاد مما دعا الناس الى الأعتقاد بأن ذلك عقوبة من السماء بسبب الجراثيم التي اقترفها الأتراك , والتي لاتعرفون غيرها .


وكانت هناك حركة قد اقيمت يتزعمها علي بن مجثل و على بن مسلط احد زعماء عسير المرموقين , وكسبوا شهرة عظيمة بين القبائل ولما علم احمد باشا بهذا الثورة قرر بأقامة حملة جديده , وقاما قائدي الثورة علي بن مجثل وسعيد بأعداد الجيوش لمجابهة الترك , وقد انضممت الى جانبها طبعهاً , وكانت تلك الحملة في غير صالح العثمانين تماماً , حيث تمكن العسيريون من حصرهم في وادٍ تحيط به الجبال من كل جانب , واجبروهم على الأستسلام , وكان رأي سعيد ان يقضون على جميع العثمانيين حتى لا يعودا مرة اخرى , ولكن علي بن مجثل لأعتبارات انسانية لم يوافق على مشروع سعيد بن مسلط مطلقاً , وانما اشترط ان تتخلى الحملة عن اسلحتها وذخائرها وامتعتها , وتعود من حيث اتت سالمة .


واما بالنسبة لمنطقة بيشه فبعد ان خسرت حملة احمد باشا , أراد ان يعوض تلك الخسائر فأرسل جيش الى بيشة بقيادت سليم بك ويحمل لقب قائمقام , وكان رئيساً للفرقة الثانية للحملة وقد كان مشهوراً لبربريته وشدته , فقد كان لأدنى سبب يحكم بالقصاص وقطع الراس وهي طريقة بربرية تسمى (خازوق ), وصلت تلك الحملة الى بيشه وقد قاوم الجيش في بيشة ولكنها لم تنجح تلك المقاومة .


علي الصعيري وسليم بك ومادار بينهما كان وجه الشكوك لسليم بك , حيث تم ابلاغ سليم بك ان الشيخ علي الصعيري هو سبب المشاكل والخلافات وقد ارسلت رسالة تهديد مزورة لسليم بك وبأسم الصعيري وبختم مزور ايضاً , واصبح سليم بك مقتنعاً بان الصعيري مجرم , بما يدعيه اعدائه الذين يرمون موته , لذلك اصدر سليم بك حكمه على علي الصعيري بالخازوق والتعذيب بتلك الطريقة , فابلغ علي الصعيري من مملوك من السود لانهم كان يعرفه جدياً بتك المحكمة التي اقيمت عليه في غيابه , وقد ابلغه بالهروب لان سليم بك ات وقد امر الناس بالقبض عليك , وبعد صلاة الظهر من اليوم نفسه اتي احد جيوش سليم بك والقى القبض على الصعيري واخذوه مكبلاً بالحديد الى ان اوصلوه لسليم بك .


وعند وصوله استقبله التركي قائلاً له لابد ان ضميرك اخبرك انك امامي بهذه الصورة , ورد عليه الصعيري ان ضميري لايلحق بك اي لوم , واعرف ماذا اتوقعه من رجل مثلك , وبعد ان رأى الأستعدادات للعقوبة به ارتجف مخاطباً سليم بك قائلاً له : انشدك بالله ان تمنحني الموت بطريقة شريفه لرجل مثلي وهو ان تعدمني بالسيف , فرد عليه التركي قائلاً هل انت مستعجل على موتك ؟ .


لكن قدرت الله فوق كل شي , والعلاقة التي تربط الصعيري بـ احمد باشا كانت قوية فقد ارسل خطاباً عاجلاً الى سليم بك ينفذ بها حيات الصعيري من الموت , وبين في خطابه ان كل ما أور اليك كان خاطئاً فقط كان هناك من يكره علي الصعيري , فهو رجل اكثر من يرحم المظلومين واكثر تعاوناً بالأضافة الى الشجاعة التي عرف بها , فارسل سليم بك احد الجنود الى اطلاق سراحه , ولذلك ذكر الصعيري انه ممتناً لمن انقذ حياته من الموت , ووعد بمساعدته حيث قد طلب الباشا من الصعيري بدعم الحملة على عسير بتكثيف اعداد الجمال المعدات لنقلها الى الحملة وكذلك كمية كبيرة من التمر طعاماً للجنود , وقد كان لعي الصعيري ابن وكان عمره تسعة عشر عاماً وكان متقلد لأبيه في جميع اعماله .



انتهــــــــــى الجزء الثامــــــن== قريباً ان شاء الله الجزء التاسع



الجزء التاسع



(1 أغسطس - 1834)


قدم رجالان من قبيلة دوسري ابو نقطة لزيارة رئيسهم القديم , وقد جاء في تقريرهم ان رجال القبيلة ينتظرون لحظة وصول الباشا الى عسير ليعلنوا انظمامهم الى جانب قواته , وكان في استقبالهم دوسري ابو نقطه حيث سألهمعن ان كان أصدقاء ابيه مسرورين من ان ابنه سيتولى القيادة ؟ فكان جوابهما :ان ذكرى والدك يادوسري مازالت حيه تعيش معنا ولكن ابناء وطننا سينظرون اليك بألم اذا اصبحت حاكماً من قبل الترك . 


سفير الأمير عائض هو هندي اخبر دوسري عن انطباعه لجيش الحملة قائلاً ( ان جيش الباشا قوي , فإذا كان في نيتكم تجنب الهزيمة فأعملوا الأحتياطات للدفاع عن انفسكم من الأن, واذا كان لديكم الرغبة في المقاومة فمن الأفضل البحث عن حل سلمي وسط , .


حينها استدعى الأمير عايض بن مرعي كبار شيوخ عسير , وعقد مجلساً عاماً اخبرهم فيه مانصه (( ان الجيش الذي يرغب في حربنا ويدعي قادته انهم قادرون على اخضاعنا , ماهو الاّ عبارة عن شلة من الجنود السيئين وتعساء التكارنة , جمعوا ثم انضموا بالإكراه الى مكة في موسم الحج )) ,.

وبعد هذه الكلمة التي القاها الأمير عائض اجابوا باالإجماع "سنحــارب" وبعد ذلك عاد الأمير عائض الى الحديث مرة اخرى وقال لهم (( انني أعرف ان رأيكم لم يستقر الى الأن بعد , ومن الممكن انكم ستغدون بي فيما بعد , ولكن الذي احب ان أذكركم به هو "أننـي سـأحـارب حتـى ولـم يبقـى معـي منكـم احــد , وأقـل مـا أجنيــه هــو ان أمــوت بشـــرف)).

كان يعسكر جزء من القوة العسيرية في مناظر (وهي قلعة ابها العسكرية اقدم واهم احياء مدينة عسير) والبقية تعسكر على حدود بلاد بني مالك , وقد وصلت اخبار هجوم جيش الباشا على منطقة المروة , ورجوع الباشا الى بيشة , نقل تلك الأخبار بعض البدو الذين فرو الى منطقة عسير , واستغل الأمير عايض هذه الأخبار في صالحه , وقام بنشر اشاعة ان الباشا قام بالرجوع بجيشه الى مكه , بعد اعتقاد الأمير عايض بأن احوالهم اكثر تحسنناً في مثل هذه الظروف .


أتي وفود الى الباشا واخبروه عندما سالهم عن ماذا اعد جيش عسير حملته قائلين ان جيش عسير خائفين من حملتك عليهم ولكنهم ذوي قوات لاتستطيع تحديدهم , وكذك تستطيع قوات عسير ان تجمع خمسة الأف رجل من جيش عائض , ولكنها لاتستطيع الأعتماد على جيش القبائل التي تحت رايه حكم عسير لكونها مستقلة , ومع ذلك فتلك القبائل لاترضى بالسيطرة التركيه , وكما ان جواسيس الباشا أكدوا له ان قوات الأمير عائض لايستهان بها .


وفي اليوم نفسه وصل الى المعسكر جيش الشريف منصور الذي كان يقوم بزيارة لكل القبائل المجاورة لبيشة لجمع المزيد من الجمال والطعام وكذلك التجهيزات لتحركات الجيش على قدم وساق , ووقت المغادرة اصبح وشيكاً في الوقت الذي تتحرك في هذا اليوم جزء من الجيش يتكون من جيش المغاربة وفرقة الخيالة التي يقودها عابدين ومحمد بك.


(2 أغسطس)


في هذا اليوم استعد الأعراب الذين يتكون منهم الجيش الشريف منصور وغيرهم من الاعراب وقبل مسيرتهم بأحراق العشش التي بنوها من سعف النخيل كمساكن لهم أثناء إقامتهم في بيشه , وكانوا قد تركوا مالا يحتاجونه في مسيرتهم وكذلك قاموا بأحراقها , وكانوا في كل يوم ينتظرون الوقت الذي سيتحركون فيه ولكن القيادة كانت تنتظر الكثير من الجمال التي يحضر منها البدو كل يوم 400 الى 500 جمل , ولكنهم لايحضرون الاّ النوعيات الرديئة , لانهم كان يعتقدون ان المجاعة ستقصى على كل الجمال المرافقة للحملة . 

ترددت انباء عن تقدم قبائل حاشد وبكيل اليمنيتين بأتجاه عسير لتجاربا الى جانبنا ضد العدو المشترك , ويطلق على هذه القبائل ايضاً أسم (يام) وتقع مابين عسير وصنعاء وتمتد الى تهامة , حيث انهم قاموا بحراسة الجيش التركي بعد الضروف التي كانت بهم حين ماقادها السلطان سليم لجزيرة العرب , حيث كانت قبيلة يام قد اخذت قانوناً من الجيش التركي بأخذ الضرائب من جميع القابئل المجاورة , الى ان علي بن مجثل بعد توليه الحكم قام بحرب ضدهم واجبارهم الى دفع الضرائب .




يتبــع





(3 أغسطس -1834)

(سلطان) 00 هو أحد الشيوخ في عسير , وكان يتطلع الى ان يكون شيخاً لأحد القبائل في عسير, التي كان يرأسها والده قبل ان يتولى الأمير علي بن مجثل امراة عسير , وقد وعده حاكم مصر ان يعيده الي ماكان والده عليه , ذهب الى قبيلته بهدف نشر الفرقة والخلاف في صفوف اعدائه , و لغرض الحصول على معلومات دقيقة عن طريق الجواسيس عن قوة جيش جيش الأمير عائض وتحركاته ., وعاد الى معسكر الباشا ليسلم تقريراً عن مهمته التي قام بها .

وفي هذا اليوم تسلم الدوسري رسالة من (رفيدي) شيخ قبيلة بللسمر وتقع هذه القبيله على حدود بلاد عسير الشمالية, وهي مستقلة بنفسها بعد موت الأمير علي بن مجثل الذي بسلطته وقوته حكم بلاد كثيره , حيث قال شيخ بللسمر في رسالته (( حينما يصل احمد باشا الى حدود بلاد عسير سنضع تحت خدمته كل الرجال القادرين على حمل البنادق , فأسرعوا بالقدوم فنحن ننتظركم بفارق الصبر)).


وفي الوقت نفسه قدم قد الشيخ (غرامه) احد اعيان بني شهر يحمل رسالة من الشيخ غرم رئيس تلك القبيلة , ويعلن فيها عن استسلامه للباشا , ويعلن عن رغبته في اتحاده مع قوات جيش الباشا ضد عسير , ورحب الباشا والشريف الكبير بتلك المباردرة من قبل شيخ بني شهر , وتلك القبيلة الكبيرة التي قادرة على تجهيز جيش بعدد عشرة الأف مقاتل بأسلحتهم , وقد كان الأمير علي بن مجثل قد استولى على تلك القبيلة وجعلها تحت حكمه وعين عليها حاكماً من قبله .


(4 أغسطس )


ان حكم الذي يخون بلده ويتعاون مع الأعداء حسب العرف في بلاد عسير هو ان يحرق منزله وتصادر مواشيه وتنهب مزرعته , ويشهر به بحلاقة لحيته , ثم يقتل بشكل فاضح, ولاتنتهي الى هذا الحد بل تمتد الى أسرة مرتكب الخيانة الوطنية , حيث تنقلب حياة الأسر الى حالة مزرية تماماً , يصادرون اثاث منزل العائلة , ولايترك لهم الاّ عبارة عن مفرش واناء يجمعون فيه مايتصدق عليهم به الأخرين , .


لاحظ الباشا ان الطعمام يستهلك بكثرة وبكميات كبيرة كل يوم والجمال الموجودة بدأت تموت , ومع ذلك فانه لم يستخدم قانون العنف الذي عرف عنه البدو والتي تعتبر هي اللغة الوحيده التي يعرفها البدو لأخذ حوائجهم , فقرر الباشا تعميد الجيش بالمسير والبقاء هو مع الشريف الكبير حتى تتوافر لهم كتطلبات الحملة , الاّ ان الشريف محمد عون اقنع الباشا بالعدول عن هذه الفكرة .


كانت وسيلة المواصلات غير كافية , فقرر ترك الصواريخ والذخيرة في قريت الروشن, وكان لكل حملة كيساً صغيراً من الدقيق , وكان هناك جنود من المصريين امثال البقر , يأكلون بشراهه ويشربون الماء بكثرة وكانهم على نهر النيل الذي اتوا منه , ثم قرر حمل الجمال , وأعطي المسير للجيش بالتوجه الى عسير من بيشة التي كان قد استقروا هناك ,. حيث ادرك الباشا ان بقاء الجيش في بيشة سيهلك الجيش من الجوع ولذا فقد اصدر اوامره بالتحرك.


وصل مندوبين الى الباشا من بني شهر وتوجهوا مباشرة الى الشريف حيث احضروا له بعض الزبد من اجل الطبيخ (وهو العسل والسمن ) وذكرو هؤلاء المدوبين ان الأمير عائض يخشى من خيانة الشيوخ عندما يجدون انفسهم امام الجيش المصري , فهو يتحدث اليهم كل يوم , حيث يقدم لهم القسم والولاء زالطاعة ليصل لدرجة اكثر اطمئناناً, كما قام بأذ رهينين من كل قبيلة وقال لهم ((اذا دافعتم عن هدفنا المقدس بكل شجاعه نصبخ اخوانا , واذا حدث غير ذلك , فسأقوم بقع رؤوس هولاء الذين سيكونون ضحية حنثكم بقسم الولاء والطاعة)).


ان الشيوخ غير مسرورين من وضعهم في موضع الشك , ويمكن انهم يضمرون التصرف بالطريقة التي يخافها الأمير عايض , وانهم لا يرغبون في ان يسلموا بما طلبه عايض منهم وكانوا مقتنعين بأن يقولوا له : 

(( نحن مسلمون مخلصون, والله يعلم ان عزمنا هو ان نحارب حتى الموت او هزيمة جيش المشركين الذي يتقدم نحونا نحونا , وهذا يجب ان يكون كافياً لك )). وبهذا اكتفى عايض ولم يذهب الى ماهو أكثر من ذلك.


انتهــــى الجزء التاسع--- قريباً ان شاء الله الجزء العاشر



الجـــزء العـــاشر



(8 - أغسطس -1834 مـ )


في رحلة الباشا الى الحليفة , لم تسلم جمال الجيش المصري من النهب والسرقة التي قام بها بعض من البدو , فأمر الباشا البعض من جيشه الى الرجوع لبشة لجمع الجمال وأصطحابها اليهم , ولكن ومع ذلك فلم يستطيعوا جمع الجمال الكافية لأكمال مسيرتهم الى بلاد عسير , ومازال جيش الباشا يجهل الطريق الى عسير رغم وجود واختلافات بعض العارفين لبلاد عسير عن المسالك المؤدية الى عسير , و


بينما هم في الطريق وصل الحملة بريد يخبر عن وصول ثمان عبارات بحرية الى ميناء جده , مقلة جزءاً من الجيش النظامي , والذي خصص هذا الجيش لمهاجمة اليمن , بينما وصل مندوب من القنفذه يخبر بأنتشار مرض الحمى في تهامة , وفي الوقت نفسه اعلن عن وصول مندوبين من قبيلة (رجال المع ) وسوف نكشف فيما بعد الدوافع الحقيقية وراء قدومهما .

,جاء خبر خبر نقله البريد الى الحملة , ان الشريف عليّ شريف (ابو عريش) متعطل عن التقدم بأتجاه حدود عسير , وكان وصل الى قرار هو الذهاب متوغلاً عبر العقبة الصعبة , .

كانت كل قرى الحجاز من العقيق ووادي زهران قد حجزت منذو شهر واحد بأمر الأمير عليّ أمير عسير الذي قرر غزوا البلاد اليمنية حيث تمكن من احتلال اللحية والحديدة والمخا , لم يتأخر قادة هذه القبائل عن تنفيذ أوامر امير عسير , حيث اشتركت وحدات من القبائل المستقلة كجنود غير نظاميين في جيش الأمير علي على أمل تقاسم المغانم التي يحصلون عليها من البلاد المهزومة.


كانت مساهمة وادي بيشة وحده بخمسائة رجل من حملة البندقية ,وايضاً مواد شخصيه اغتنموها من الغنائم اليمنية , وكان معظم البدو مسجلين في الجيش العسيري عندما كانت بلاد عسير تقاوم الحملة الأولى على علي باشا , ولكن هذه المرة ضل البدو في مساكنهم مسالمين اعتقاداً منهم ان هذه الحملة التركية ستهزم جيش عسير , أتجه جيش الحملة جنوباً بأتجاه قرية ترج ويدعى شيخ تلك القبيله (سنيدي) بينما شيخ الحيفة يدعى (عبود).


=(9 أغسطس - نفس العام )

لكي يتفادى الأمير عايض بن مرعي العاصفة التي تعد نفسها للهجوم عليه , فقد ارسل مبعوثين الى كل انحاء إمارته يدعو البلاد الى الأنظمام تحت رايته , والذي من قبل قد حاربوا تحت راية سلفه الأمير علي بن مجثل , وقد عقد الأمير عايض اجتماعاً جمع فيه كبار الشيوخ وقال لهم : تعلمــون ان العــدو القــوي يقتـــرب منــا لمهــاجمتنــا , فإذا قــدّر الله واستسلمــت عســير فأن التــرك لن يتــأخروا في توجــية قواتهــم ضد جيرانكــم , وبذلك يصبح الخطر الذي ترونه اليوم ليس مهماً , حالاّ على رؤوسكم , وانا اعرف انه منذو وفاة الأمير علي بن مجثل انكم قد فقدتم آخر حية من القوة والشجاعة , ولقد وعدتموني بمساعدتكم ولكنكم ليستم مخلصين في كلامكم , وعندما تأتي الحرب سيختفون كالعجائز , ولكن اذا كان هذا موقفكم فعودوا الى نسائكم اذا شئتم , اما انا ومن يقف معي من ابناء قريتي الذي احكمها فسنحارب حتى الموت.

وكان جواب الشيوخ:

كيف وصلت الى الشك في شجاعتنا ؟! لقد اعلن بنفسك ان جيش الباشا ما هو الا عبارة عن عصابة من الخونة , ومع ان الجواسيس والمندوبين اخبروا بأن القوة العسكرية المتكونة منها الحملة لم يكن لها مثيل في الحملات التي وجهت ضد البلاد من قبل .
زادت الإشاعات من خلق الجدل حول هذا الموضوع , وتثبطت همة السكان , بينما الباشا والشريق يعتقدون بأن السفراء سيكلفون يتقديم استسلام البلاد ان لك يكن اليوم ففي الغد .

وفي لحظة انطلاق جيش الحملة اغتيل احد الحراس في وسط النخيل , ولم تتمكن الحملة وجيشها من معرفة الجاني , ثم تقدمت مسيرة الجيش وأمامها حراس مكلفون بحماية مقدمة الجيش , ويتقدم الحراس دليل خبير بمعرفة الطرق المؤدية الى عسير , بينما بقية الجيش يتقدمون خلف الحراس والخبير , وكانت الناظر الطبيعية الجميلة من وادي بيشة سبباً في تقدم الجيش .



يتبـــــع



تابعت الحملة مسيرتها , ويتقدمها الدليل الخبير بطرق عسير , أظلم الليل على الحملة , وقاموا بأشعال مشعلاً ليضئ الطريق امام المرشدين , واخذ الجيش في تقليدهم بهذه الطريقة , وكذلك جعلوها إشارات لأولئك الجنود الذي بلغ بهم الأنهماك واجبرهم على التخلف , وفي هذه الأثناء اختفت الأنظار عن الجبال في الشمال والغرب , وكذلك أعلن الخبير بعدها بقليل انه غير متأكد من الطريق الصحيح , ومنحه الجيش نصف ساعة ليتأكد من الطريق قبيل اخبار الباشا , ولكنه لم يتمكن , وابلغ الباشا .


جاء الباشا بنفسه الى الدليل واخبره ان الدليل يقول انه يعرف الطريق كما يعرف طريق منزله , ولم ينكر هذا الدليل ماقال له الباشا , ثم اعطى الباشا عشر دقائق للدليل امان ان يستخرج الطريق او يقتل , وذلك بوصفه بالخيانه , طلب الدليل الذهاب بمفرده لكي يتأكد من الطريق ولكن الباشا ارسل معه الجيش , وبعد فترة من الزمن عاد الدليل ليخبر الباشا انه عرف الطريق الى بلاد عسير .واستمر المسير وكان رؤساء الجيش يمنعون التذمر بشده .


ولكن وبعد قترة من المسير جاء أمر بالأستراجه , وكان الجيش بحالة غير جيده من التعب والأنهماك , وكما ان أحذية الجيش رديئة جداً , ولم يكن هناك اي خيار سوى انهاض الجيش واركابهم على الجمال , وذلك بعد استراحة استمرت الساعة والنصف , ثم استمر الجيش في مسيرته , وكان مكان الماء لايزال بعيداً , ويكاد الجيش ان يموتوت عطشاً ,.


برز في مقدمة الحملة عدة من جمال الشريف ذات السنام الواحد , وكان جزء كبير من الرجال تعساء ومعرضين للموت من العطش , واصبحت ملابسهم ممزقة من اشواك اشجار السنط , وكذلك تعرض الجيش الى وعروت الطريق من الحفر والجبال والحصى والمنحنيات وغيرها , 


وصلت مجموعة من خيالة عابدين بك ومحمد بك وبدو الشريف منصور يحملون معهم قرب ماء محجوزة للمشاة , وبعد ان وصلوا الى المحطة وأخذ الجيش قسطاً من الراحة حمل المذكورين سابقاً قرب الماء فوق اكتافهم , وقاما يتوزيع الماء على افراد المشاة والجيش عام , وقاموا بحفر الوادي بحثاً عن الماء , الاّ انهم اعلنوا ان البدو قد ازتنزفوا الماء الموجود كاملاً .,



وكان مخيم الخيالة قد نصب في مكان غير بعيد من المكان الذي استراح به الجيش , وبعد قليل وصل كل الجيش الى هذا المكان .


انتهــــــــي الجزء العاشـــر - - قريباً ان شاء الجزء الحادي عشر 


الجزء الحادي عشر



12 - أغسطس - 1834)


جبال ملاح : - تكون جبال ملاح الممتدة من الشمال الى الجنوب سداً كبيراً من صخور الجرانيت الصلدة , بينما الصخور المحيطة من كل الجهات تغطيها ارض حصوية ذات طبقة رملية تميل الى السواد تنمو فيها الأعشاب الخضراء البرية , وكانت بها صخور تلتصق بها قطعة من الصفيح النقي , وتحتوي على مادة الرصاص والتي اذا تمكن يد ماهرة من صقلها لأستخرج منها رصاصاً من نوعية ممتازة .


ومن هنا اصبحت الجمال مهيأة للتحرك , وبدأت جموع الجنود تتحرك على اصوات الطبول وضرباتها , وكانت الطرق تغطيها الأشجار من نوع السنط , والخيالة القاهريون يقودن خيولهم خلال هذه الورطة(كثرة الاحجار وكثافة الأشجار ) وقد قارنوها بقيادة السفن بالبحر الاحمر , وكان الجيش كلما تقدم قليلاً وجدو الجبال تتكون من الاحجار الجرانيتية , وكان هذا المكان صالح لأستخدام القنابل المدفعية.


قادة هذه الأحجار الجيش الى شعاب صغيرة بينهما جبال , وعبروا جبلاً يشبه شكل وتركيبة هيكلاً عظمياً لحيوان هزيل , وكانت كلها واحات صغيرة تسقى بواسطة ثلاثة ابار حفرها البدو , حيث كانت مزروعة بالقصب والنخيل والذرة , وقد تأكد ان كل هذا اسبابة ان البدو تركوا وهجروا اماكنهم الى عسير , وكان بقمم الجبال المجاورة برجان في شكل جيد يشبهان القلاع ومبنية بالحجارة يستخدمونها البدو كمركزين للدفاع عن انفسهم .


في اليوم التالي من مسيرة الجيش , مكثو في الخضراء ووداي الخضراء , وقد احرق الجيش الأشجار واشعلوا النيران , وكان الطريق الذي يتبعه الجيش غير معروف لدى الباشا ولكنه كان معروفاً لدى الجيش , ولكنهم لم يكونوا يستطيعون التأكيد اما ان كان هذا الطريق به مصادر للمياة , وقد كان وادي خضراء به طريقين الاول منها الى شهران ولكنه كان به الماء متباعدة , واما الطريق الاخر فهو طريق طويل ولكن مصادر الماء فيه متورفرة ومتقاربة , .


تقدم بدو الشريف منصور في المباردة للأستطلاع والمعلومات الصحيحة عن الطريق , ولكنهم لم يعودوا بالجواب الاكيد , , وقد تأكد للباشا ان العسيريين حصنوا انفسهم في شهران حيث كانوا ينتظرون جيش الباشا بفارق الصبر , وبعد ان اتى البدو المصاحبين لجيش الشريف حيث سلك الجيش الطريق الأول , وبعد قطع مسافة , اصبح الجيش بواد اخر مياهه غزيزة والتربة تغطيها الحشائش الخضراء , وكان اسم الوادي وادي معدن او ((المعدن)) .


وفي هذا المساء , داهم المعسكر بعض من اللصوص محاولين استغفال الحراس والسطو على بعض محتويات المخيم , ولكنهم لم ينجحوا , اذا تنبه لهم الجنود الحراس فتبادلوا معهم اطلاق النار , واعتبروا ان هذا السطو هجوم من البدو فقاموا بأشعال النيران ودق الطبول الى ان اختفى اللصوص , وقد اتي الأمر بالأستراحة الى الصباح من اليوم التالي , فقد كان الجيش قد نظم صفوفه خوفاً من هجوم اخر .


تسلم الباشا في هذا الصباح رسالة من الامير مرعي وهذا نصها ( ان قدرك السيئ يا احمد اجبرك على المجئ الى بلادنا لتلاقي حتفك. ان جيشك ليس بقوي انه يتكون من جنود تعساء لايملكون ذرة من الشجاعة , ولايطيقون تحمل الصحراء , لذا انصحك بالعودة سالماً الى حرمك اذا كنت ترغب في النجاة لك ولرجالك)).


وفي اثناء انتهاء الباشا من قرأت الرسالة قدم اليه الشيخ((عوضه)) شيخ وادي حمامة معلناً استسلامه , وتقدم الى الباشا قائلاً _ارجوا ان تعفوا عن رجال ومحصول اشجارنا ومزارعنا) فأجابه الباشا : رجالك معفون , ولكنني في امس الحاجة الى طعام للجمال والخيول لأنها لم تأكل شيئ منذ مايقارب اليومين, وقد وعد الباشا ان يأخذ الطعام بحقه , فوافق الشيخ عوضه على طلب الباشا , ثم قد الباشا هدية الى الشيخ عوضه وهي عباره عن جوخه لأرتدائها , .



يتبــــــــــع




وصل جيش الباشا الى بلاد الشيخ عوضه وادي حمامه , وكان يقع وداي حمامه على مسافه غير بعيدة عن وادي شهران , حيث ذكر لجيش الباشا ان قوات عسير تنتظرهم هناك , وكان سبب استسلام الشيخ عوضه هو ان الامير عايض لم يهيأ جيشاً قوياً في بلاده يكون قادراً على المقاومة وكذلك لم يرتب الامير عايض قوة عسكرية كافية , فقدم شيخ اخر من وادي حمامة ايضاً يعلن عن استسلامه , .


اعلن جواسيس انهم شاهدوا ستين فارساً أرسلهم العسيريون كفريق استطلاع , واكد الجواسيس انه مازال وادي حمامة يحتفظ بجيش العدو , وانهم يحكمون سيطرتهم على منابع الماء , لأعتقادهم ان الجيش عندما يصل الى هناك سيكون منهمكاً ومتأوهاً من العطش بسبب المسافة بين الوادي والمحطة التي بدأ منها المسير , كما اكدوا ان الموقع الذي يحتله العسيريون موقعاً استراتيجياً , ويقسم ارض الوادي الى قسمين ويجعل الدخول اليه صعباً .


فقام الباشا ودعا الى اجتماع في خيمته حضره عدد من البدو المهمين, غير ان اكثر الحاضرين اعربوا عن تخوفاتهم من مواجهة هذا الظرف , ما عدا علي الصعيري - والذي قــــال ((أنني اعرف الطريق جيداً من هنا الى حمامة , والموقع الذي تتحدثون عنه ليس بها اي شيء يدعو الى التخوف , وتستطيع فرقة الفرسان والمدفعية ان تقوم بواجبها دون ان يصادفها عائق, وحتى ولو كانت قرية حمامة مزودة بحماية فسيكون من السهل ان تنفذ الى بطن الوادي , اما من اعلاه او من اسفله , وبذلك يستطيع الجيش ان يتزود بالماء دون اي مشقة او عناء )).


وأختتم حديثه بقوله (( انا اعرف تخطيط العسيرين جيداً , فأنهم لن يأتوا ويكشفوا عن انفسهم في الطريق الذي نسلكه اليوم او في الغد )). ومن ثم بدأت حركة الجيش في منتصف النهار بأتجاه الجنوب حيث بدأت مجاري الوديان تتسع شيئاً فشيئاً , الى ان وصلوا في مكان يفصل الحجاز عن عسير , وكان يوجد بها ارانب كثيرة وكذلك ضاقت الافق الى ان دخلوا في سهول تشبه السهول الآنفة الذكر . ووصل الجيش الى اقصى مكان للسهول لكي يتجنبوا اي متهات قد تحصل لهم اثناء الليل .


وبعد رحيل الجيش بعد المكوت باعلى السهول , قدم اربعة من البدو الى المخيم بينما كان (عمر الأغا) يتربص خلف الصخور ليراقب الوضع , وكان عمر اغا يريد ان يثبت شجاعته امام الباشا حتى لأشياء تافهه , وعندما وصل البدو الى الخيمة قام بمهاجمتهم , فقتل اثنين منهم بمسدسه , وابقى الثالث عنده ليحرسه حارسه الشخصي كأسير واما الرابع فقد اطلق ساقيه ورمي ما اخذه من التركات في المخيم , فأتي عمر اغا الى الباشا ليخبره بما اقدم عليه , فأمر الباشا المحاسب اعطاء اغا خمسون ومائة قرشاً مكافأت على شجاعته .


أعلن الأدلاء اليوموالشيخ الذي اعلن استسلامه في وادي حمامه عن وجود مكان مناسب لمسيرة الجيش ويدعى هذا المكان باسم (سليل ) وعندما قدم الجيش الى سليل قام سكانها بتركها بمجرد سماع الجيش , وكانت البيوت في وادي سليل مبنية من الصخور الصلدة وكانت بها قلاع قويه ومحصنه تدل على ان هذه البلاد لاتتأثر بالحروب , من هنا تقدم فرسان من جيش عسير الى سليل لمتابعة الاوضاع وعندما رأوا غبار على بعد مسافة قصيره فروا وضنوا انه الجيش قادم اليهم , .


وصل الى جيش الباشا في هذه الأثناء الجيش النظامي , وهو مكون من تسع فرق او كتائب , وتوزعت الفرق على مسافات متباعدة لتعطي للعرب فكرة عن مدى ضخامة قوة الحملة , وعندما فقد اخل بعض من الجيش المصري الاتفاق وقاموا باحراق الاشجار والدوس عليها وقط الذرة واحراقها الاّ ان جيش الشريف منصور وقف مع الشيخ عوضة وجماعته لمعاونتهم , ووصل الشريف منصور والباشا بانفسهم لفك تلك المنازعات .



انتهـــــــى الجزء الحادي عشر ---= قريباً ان شاء الله الجزء الثاني عشر .




الجزء التاني عشــر




(17- اغسطس -1834)


اتخذ جيش الباشا قراراً بالبقاء في وادي حمامة لجمع التموين الضروري للجيش , وكذلك ليعطي الجيس فرصة من الأستراحة التي كان الجيش في امس الحاجة الى الراحة , ولاسيما وان الجيش يقدم على مقابلة العدو بعد فترة بسيطة , وقد اتخذ هذا القرار بعد ان كان من المعتقد ان العسيريين يعسكرون في وادي شهران , وقد كان القرار الأخر التقدم حالاً , والأستفادة من النزاع الذي نشب في جيش العسيريين , والذي علموا بهذا الخبر من احد الجيوش .


غادر الجيش وادي حمامة ظهراً , متتبعاً اثار الجمال التي كان البدو يمتاطوها على طريق الجبال والذي اخذ عددهم في أزدياد , وبعد ساعة من المسير وصولوا الى بطن الوادي , حيث كان الوادي جميلاً مما دعى الى تمعن جيش الباشا الى في جمال ذلك الوادي الذي ينقسم الى فرعين , وبعدها اتجه الجيش الى المحطة القادمه لهم وتدعى (المهمل الصغير ) .


وفي اليوم التالي وقبل طلوع الفجر , بدأ الجيش بالتحرك واتجهوا بالفرع الأخر والمسمى (سالفي الذكر) كطريق لهم , , الى ان وصلوا نهايته , وهنا ترددت انباء وصرخات قرية من البدو معلنة عن أطلالة وادي شهران الذي له مكان عظيم عند العرب , عبّر سكان وادي شهران بنوع من الثقة والترحيب بالباشا بأن قاموا بهجر منازلهم , واصبح جيش الباشا مقتنعين بحد كبير بالرحالة البدو من خلال طريقة حياتهم .


وفي صباح اليوم الثاني كان هناك خمسة عشر خيالاً , وصفوا بأنهم مكتشفون أرسلهم الأمير عايض بن مرعي , وقد سارعوا بمغادرة الوادي قبل وصول الجيش اليهم , ليعودا الى الأمير عايض واخباره بأخر المستجدات في جيش الباشا , وصل جيش الباشا الى بيشه حتى دخلوا سوق قائم يبيعون فيه التمر و الزبيب والخوخ والفواكه , وقد وقف كثير من الملاك يشاهدون الجيش وهم يتحسفون الماً على مايقومون به في بلادهم الجميلة .


سار الشريف منصور في مقدمة الجيش راسماً من بعيد الطريق للجيش الغير نظامي , وانظمت اعداد كبيرة من راكبي الجمال الصغيرة (الهجن) المسلحين بالرماح الطويلة والمزينة (بعكرة)من ريش النعام , وكا من كثرة هذا الجيش الذي يقوده الشريف منصور يعرفون من بعد بلمعان حرابهم مع اشعة وبريق الشمس , وكانت تعبر من خلال وادي متعرج وسيول ومناطق شوكية , الى ان مروا بأمكان التدمير ومنازل مكث فيها معسكرات الجيش .


وصل الجيش المصري الى واد اسمه (الجنفور ) وكانت رطوبة هواءه غالباً ماتسبب وباء وحمى وتلك الرياح تأتي كل سنة , وقد قضى سكان هذا الوادي اللعنه الى ان نقلوا مسكنهم الى مكان أخر , وكانوا يرحلون الى قرب القبور التي تحوي رفات ابائهم , وكان موقع الجنفور يتكون على شكل اهليجي كبير , وكان يقع بين الجبال المحاطة اعاليها بأسوار كبير متهدمة حيث كان مسرحاً لمعركة دموية كبيرة , وذلك لأن المنظقة المحاطة بها مليئة بالقبور .


يتبـــــع



(20- اغسطس 1834)


وصل في هذه الأثناء ولتوه وصل بدوي اسمه صليع من الخضراء حيث كان يعتقد انه سيجد الجيش , كلفه الأمير عايض بحمل رسالة الى الباشا والشريف الكبير , وبالرغم الى كثرة الأسئلة التي وجهة الى ذلك الساعي , لم يستطع احد الحصول على اي معلومة عن حال الناس في عسير , فقد كان دائماً متحفظاً على خصوصية مهنته .


وكان يتوقع الأمير دوسري ان الأمير عايض سيتقدم بمشروع يقترح فيه ان يكون تابعاً الى( محمد علي) على شرط ان يبقيه في مكانه كقائد لعسير , وقد وصفه دوسري قائلاً ان الأمير عائض رجلاً ذا قلب كبير وشجاعة فائقة , ولكنه وبعد ان حاصر ابو عريش كان محك اختبار له مع انه كان مزوداً بقوة معقولة , الاّ انه كان غير مرضى عن قدرته .


نبذة بسيطه عن الأمير عايض بن مرعي :- يبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين سنه , وطوله خمسة اقدام , وهو بدين (جداً) , ولحيته كثيفه , وحواجبه سوداء , وعيناه كبيرتان وتلمعان بأستمرار كأنها جوهرتان او ماستان , وهو الأبن الأصغر للأميرين علي وسعيد من جانب الأب , فهو منحدر مثلثهما من قبيلة بني مغيــد , وقد اصبح قائد لعسير كحق موروث.


بعث والدا دوسري المقيمان في مساكن فبيلتهما برجل ثقة الى بيشة , وكان يحمل رسالة بقدر كبير من الأهمية , وكانت هيئة ذلك الرجل غير سارة , وكان يرتدي توباً رثاً متسخ , وكان رأسه معصوباً بقطعة من الشيفون الرث , وبالإضافة الى ذلك فكانت عيناه اليمنى عوراء , وقد حرص على الإفصاح عن هويته , وعندما سأله دوسري اجابه انه من عسير وكانت الرسالة التي يحملها من اخا دوسري من امه .



وما جاء في الرساله مايلي ((أخي العزيز00 كل أفراد قبيلتك صغيرهم وكبيرهم مسرورين جداً من ان حاكم مصر عين عليها حكماً من ابناء ابي نقطة , الذي يبجل كل واحد منا ذكراهم , وان أقترح عليك ات تأخذ المبادرة وتحضر قبل الباشا اذا كان هذا ممكناً وتستلم قيادة مواطنيك , فكل واحد ينتظر بفارق الصبر ليعن عن انظمامه لجانبك , ولكي لانثير شكوك عايض فقد اجبرنا على ان نضم قواتنا الى قواته , ولكن عندما نسمع اول طلقة مدفع سأقوم بلف عملي على رمحي , وعند هذه الإشارة سننضم الى صفوفكم , وسيتبعان (رجال بني مالك ) و (رجال المع) , وستبقى مع عايض (علكم) , وبني مغيد فقط , وبصفه عامه فأن كل القبائل في حيرة , لايثقون في بعضهم البعض , ولن استغرب اندلاع البلاد حرب اهلية في القريب , لقد تسلمنا الرسائل التي ارسلتها لنا من بيشة , بواسطة الشخص الذي يقدم لك هذه المطوية )).


وابلغ هذا الساعي دوسري ان الأمير عايض ينتظر جيش الباشا في خميش مشيط , حيث انه يعمل قدماً على تحصينها وفي حالة انهزامه فهو يعد مشروعاً للتراجع الى قلاع وبيوت تلك القرية , وبالإضافة ان الجيش الأصغر هو من يكون في مقدمة جيش عسير , بينما الجزء الأكبر من الجيش سيحيط بكم مداهماً من الخلف ليضعكم بين نارين, وكانت تلك المعلومات خطيرة على الجيش المصري , الاّ ان دوسري سارع في اخبار الباشا بما وافاه من اخبار , .


وكان يعتقد الكثير ان جيش الباشا سيحارب اليوم , ولكن وصلت رسائل من شريف (اليمن) ويدعى بركات , يعلن انه سيكون مع جيش الباشا وهو في طريقه اليهم ومعه اربعمائة جمل محملة بالطعام الذي يكفي الجيش لمدة اربعة ايام , وسيصحبة الف وخمسمائة رجل مسلحين بالرماح والبنادق , وقد قوبلت هذه الأخبار بالفرح الشديد لأن تموين الجيش قد استهلك كاملاً , .


ارسل قبيلة يام مندوباً الى الباشا ليخبرهم عن موعد اللقاء , فأخبرهم الجنرال بأن يأتوا ويقابلوه قريباً من خميش مشيط , ومن وادي شهران ارسل جاسوساً امه (طامي ) وهو ابن عم دوسري ابو نقطة, ذهب هذا البدو على عجل الى خميس مشيط , وقد قوة مواقع العدو , ومن هناك لجأ الى قرية في بلاد بني مالك . وأُخبَر عايض عن وصوله , فأرسل له في الحال عشرين فارساً وأمرهم بالقبض عليه واحضاره .



يتبـــــــــــع




شاهد بعض البدو من بني مالك وعددهم ثلاثون فارساً أولئك الفرسان فسلموا انفسهم وأجبروا خدام الأمير عايض على الهرب , ورافقوا (طامي) حتى وصل الى (طبب) عاصمة رفيدة قبيلة دوسري 000 سالمين, حيث اجتمع افراد تلك القبيلة في مكان حول القرية وبعد ان ناقشوا مضمون الرسالة التي حملها الجاسوس , فقرروا جميعاً رفض تأييد عايض والخروج عليه .


قبل غروب الشمس من ذلك اليوم اطلقت عيارات البنادق تحية لقدوم الشريف بركات , حيث كان فرسان الجيش في المقدمه لأستقبالهم وملاقاة الشريف بركات الذي يساوون معه في النسب مع الرسول صلى الله عليه وسلم , وكان القادمون الجدد وراء الجبال المجاورة وقد نظموا صفوفهم ووضعوا الجمال والراية في وسط الجيش , وكعادة العرب في المبالغة فقد تبين ان الألف والخمسمائة رجل اصبحوا اقل الى ثلاث مائة , وكذلك انخفض عدد الجمال الى اربعين جملاً وكان تموين الجيش الذي قالوا انه يكفى لمدة اربعة ايام اصبح لايكفي الاّ لنصف يوم , .


لم يتبق مع الجيش الا طعاماً يوم واحد فقط , حيث كانوا معتمدين على ما سيحضره الشريف بركات , وعمد امين خزنة الجيش بصرف راتب شهر مقدماً لصف الضباط , وكان هناك استعراض حي للجيش , حيث اطلق جيش المدفعية عشرين طلقة مدفع , وقامت الفرقة السابعة بمناورة حية قرب المعسكر , وخلال نصف ساعة نفذوا مهمة الاطلاق بنجاح , وسمعت اصوات القصف في خميش مشيط , فأستجاب له جيش العسيرين بإطلاق رصاص البنادق بشكل مستمر وحيوي , وثلاث طلقات مدفعية .


شدد جيش الباشا الحراسات على المعسكر , ووضعوا دوريات متحركة على الجيش , وكان من هؤلاء الحراس الجيش المغربي البربري الذي كان يرتدي الجندي المغربي طربوش وبعض اليابوش , وبنطلون ومعطف كبير مصنوع من الصوف ورداء روماني فضاض لايخلعه ابداً , وكانت اسلحتهم تتكون من بنادق طويلة تشتغل بالحجر الذي يحملونه كقذائف , وكان راتب اقدمهم مايقارب الثمانية قرشاً , واما المستجدين منهم قيتقاضون فقد تسلموا عشرين قرشاً زيادة لهم , وهذه كانت سياسة احمد باشا في زيادة الرواتب للمستجدين لأعطائهم القوة والصبر وتحمسهم للمباردة دوماً .


انتهـــــــــي الجزء التاني عشر --- قريباً ان شاء الله الجزء الثالث عشر .


الجزء الثالث عشر



(21-اغسطس-1834مـ)


عندما كان الجيش المصري في الجنفور, كانت هناك قلاع واسوار مهدومه ومغمورة تحت دخان الصباح , وكان الجيش متوقعاً ظهور العدو في اي لحظة امامهم , ولكي يتجنبون هذه المفاجأة قاموا بتسنيد قوة من الفرسان الأتراك من الخلف ويتمركز الجيش النظامي في الوسط تتبعهم قافلة حمل الأمتعة وكانت تحميها كتيبة من الجيش النظامي وبعض من جنود المغاربة , وايضاً هناك قوات عربية بقيادة الشريف الكبير .


وبعد مسيرة الجيش بساعة وصلوا الى واد مجرى الجنفور الذي قتل فيه سابقاً الشريف راحج عندما طرد العسيريون الحكومة التي فرضها عليهم محمد علي ,وبعد ذلك تسلقا الجيش الجبال التي ومن خلالها شاهدو خميس مشيط الذي كانت قوات العسيريين تنتظرهم هناك , وكان الجيش لم يشاهدو مثل هذه الجبال التي تتجمع فيها البيوت وبشكل كبير , وكانت توجد على محاذاة الجبال ستة حصون .


حافظ الشريف الكبير ومعه الجيش الغير نظامي على مواقعهم المتقاربة , وتقدمت الفرقتان جنباً الى جنب , والفرقة الأولى ترسم وتخطط للمعركة , والأخريين في صفوف لعدم مناسبة ميدان المعركة , بدأ الجيش الأقامة , واخذ الجيش راحه الى ان تصل الأمتعة وحراسها وايضاص التموين المصاحب لها , وكان ليس امامهم الاّ ان يخوضوا المعركة والاّ ماتوا من الجوع , 


بعد ذلك اطلقت طلقتان مدفع معلنتين بدء المعركة , ثم تبادلى مع جيش العسيريين الطلاقات فقتل واحد من رجال القلعة , وفي تمام الساعة الواحدة بعد الظهر اصبحت كل مراكز الهجوم في حالة تعبئة عامه , ووضعت كتيبتان من الفوج السابع في ربوة صغيرة تقع الى اليسار من القرى , وكان يقودها الباشا بنفسه , وقد اختار جيش الباشا هذا المكان لمنع مباغتة جيش العسيريين لأنه كان سيسلك هذا الطريق .


ثبت واحد من المدافع التابعة للشريف والجيش النظامي في مكان عال لكي يسيطر على موقع الحصون , وتقدمت للحرب كتيبة من الفوج السابع يقودها الشريف الكبير الذي كلف بقيادة الحصار , وكانت تقف على يمين الحصون خيالة محمد بك مع بعض عرب الشريف وبعض من عرب علي الصعيري صاحب بيشة , اما بقية الجنود ومعهم جنود الشريف منصور ورجال الشريف بركات فقد اخذوا الجانب الغربي للحصون .


وفي الوقت نفسه تمركز عابدين بك ومعه الجنود المغاربة في مكان منخفض , وقد استدعى الباشا كتيبتين من الفوج السابع بينما بقيت الثالثه والرابعة تحمى المعسكر , وبعد وفي الظهر بدأ القصف بالمدافع الى جانب مدفع رشاش خفيف موجه الى احد الحصون , واصبح رجال المدفعية على نصف الطريق من العدو , واخذ الشريف الكبير يشجع جيش المدفعية بصوته وصرخاته ومنادياً الجيش الدخول في المعركة بالطريقة المناسبة .


ركز جيش الدفعية على قذف الحصون , وهذا من اوامر الباشا , وفي تلك الحظة قام عربياً ظاهراً على مدرج اعلى بيت ويحمل علماً يتكون من لونين ابيض واحمر , انه علم الشريف بركات , فتوقف رجال المدفعية عن مواصلة قصف الحصون , بينما اختفى البدو وراء الصخور , هرب البدو وهذا دليل على ان القرية الثانية قد اخليت واجبر الشريف منصور الشريف حسين العدو على المغادرة , ثم سيطر الشريف عباس على القرية الثالثة ورفع عليها بيرقه .


بعد ذلك بدأ المغاربة رجال عابدين بملاحقة سكان عسير وحذا حذوهم كل الأشراف , ولم يعرف الكثير من الفارين اين يختفون فيما حاولوا الأختفاء في حقول الذرة اما الأخريين فواصلوا هربهم بأتجاه الغرب على أمل الوصل الى الجبال ليحتموا بها , واما دوسري ابو نقطة وسلطان , فكانا فخورين بهذا العمل لأنهما في ان يثبتا للجيش ان محمد علي قادر على اختيار الرجال المناسبين في ذكائهم وشجاعتهم .


فكان الباشا ومعه اربع كتائب من الفوج السابع , قد امسكوا ببعض من البدو والفرسان الذين قد قتلوا في هذا المعركة , وما ان اتهى وقت الظهر الى وقد جمعوا عند اقدام الباشا ستة عشر رأساً مقطوعاً وأثنين وعشيرين زوجاً من الآذان المصلومة , واربعة وعشيرين اسيراً موثوقين بأنتظار قتلهم , ثم احضر الأتراك والمغاربة بعض الرجال الذين قبضوا عليهم وقدموهم الى الباشا , وبعد ذلك أطلقوا عليهم النار من الخلف.



يتبـــــــــع



((المعـــركـــة))


كانت هناك قلعة كبيرة ومازال قوات العسيرين محتمون هناك ويدافعون عن انفسهم , وكان البدو والفرسان الغير نظاميين يحيطون بقلاعها , وكان المحاصرون لايستطيعون الهرب الا اذا توقفوا حتى منتصف الليل , وقد غيرت المدفعيه مواقعها اكثر من خمس مرات مقتربة شيئاً فشيئاً من مواقع العدو , وكان من المناظر التي لم يستطيع المأسورين تحملها انه عندما اتى اعمر اغا وكان محملاً بالدماء والعرق ومعه ستة رؤوس مقطوعه مربوطه حول جسمه مثل الحزام , وذلك ادى الى اختناق الأسرى عمداً , من هول مارأوه .


اعداد المدافين عن الحصون كثير , والى الأن لم يظر الأمير عايض وأعوانه , ولكن لدى الباشا خبر انه سيعود وهو وجيشه عند نهاية النهار , فأصطحب الباشا كتيبتين من الفرقة السابعة وذهب الى اعلى الجبل يبحث عن العدو , ولكنه لم يكتشف اي شيء , فصرخ احد العرب قائلاً : انظروا انهم رجال من عسير , فنظر الجيش الى الأتجاه نفسه , حيث رأوا اعلاماً كثيرة تخفق بها الرياحوكان يتقدم بأتجاههم , فبدأ الجيش بتنظيم صفوفة قبل فوات الأوان .


كان الأمير عايض قد قسم جيشه الى ثلاثة صفوف , ولكن عندما رأى الجيش المصري أدمج أثنين من هذه الصفوف في صف واحد كبير , وعندما رأهم الباشا فنادى مخاطباً أمين بك وبكر أغا , بأي الطرق نتوجه فالجيش العسيري يتقدم في ثلاثة طر ق, ثم فكر الباشا وأنشئ التدابير الأتية ,, يتمركز فرسان جيش الأتراك والمغاربة بعمل كمين في مجرى الوادي ,, يربط لشريف الكبير ومعه العرب في المواقع المرتفعة ,, يبقى احمد الباشا على الوضع الذي هو عليه ,,, يذهب مصطفى بك على رأس كتيبتين من الفوج السادس لمشاركة شريم بك , قائمقام , .


ثم تقدم الباشا الى الربوة التي هي انسب مكان للمعركة , اعطى الأوامر لجيشة بالتقدم نحو الربوة , ولكن جيش العسيريين توقفوا عن التقدم , واخذ يستعد للمعركة في ربوة تغطيها الصخور وبرزة مشاتهم بشكل هلالي في عرض خلاب , واما خيالهم وفرسانهم فقد بقو ا في الخلف , وكان نصف من الجيش مختفين خلف الصخور , كوحدة من الفرسان تهدد كتائب اليمنة المصرية .


كان عايض بن مرعي على رأس ستمائة من مشاة جيشه , وكان يحيط به خمسة من العرب على صهوات جياد جميلة , ويبدوا انهم لن يشتركوا في المعركة التي على وشك البدأ ,, اصبح الجيشان على بعد مرمى الهدف وكانت الكتيبة السابعة من جيش الباشا اقرب من الأولى من العدو , وكان خوفهم اكثر من توقهم , وبدأوا بأطلاق النار قبل اصدار قائدهم الأمر بذلك .

وكانت الكتيبة الثالثة قد استغرقة بأطلاق النيران قبل الدخول الى ميدان المعركة وعندها انلق مصطفى بك بالأسراع للمساندة.

فوجئ العسيرين بمثل هذا الهجوم وفقدوا سيطرتهم فبدأوا بالأنسحاب , ولكنهم جمعوا صفوفهم بعد سماع اصوات قاداتهم , واتخذوا موقعاً اخر , ومع ذلك فالموقع الجديد افضل من القديم للجيش المصري ولكنه كان بعيداً عن موقع جيش الباشا , فتقدم الجيش المصري بسرعة لكي لايضيع الفرصة السانحه له وانضمت الكتيبة السابعة من الفوج مع كتيبتين الفوج السادس والتي فتحت النيران قبل رؤيتها للعدو , وتشجع الجنود إثر تراجع العسيريين وتقدموا أكثر وأكثر .


يتبـــــــــع




((المعــركــة))


اخلى الجيش العسيري مرة أخرى مواقعه , واصبح يبحث عن مكان اخر للتمركز , وفي الوقت نفسه خرج الأتراك والمغاربة من الكمين ولحقوا بالعسيرين وهاجموهم من قرب بينما هاجمهم الشريف الكبير والشريف منصور من الأمام , ولم يستطيع سكان عسير الصمود في الميدان فأنسحبوا الأنسحاب النهائي ,


وما ان ادرك الأمير عايض الأنتصار التركي حتى عاد مسرعاً بينما كان رجاله يتبهم الفرسان يشقون طريقاً من خلال موتاهم وقتلاهم , ومن حسن الحظ للعسيرين ان الظلام اسدل رداءه , واصبح من المستحيل المطاردة الى ابعد من هذا .


خلف جيس العسيريين خلفه خمسمائة قتيل , وعدداً كبراً من الجرحى , وقبض الجيش المصري على خمسة وعشرين اسيراً , ام الجموع التي شاركت في الحرب فتقدر ب (( ستة الاف )) رجل , وعندما انسحب جيش عايض , اعطى الأمر للجيش المصري بأعادة الصفوف والتشكيل من جديد , وكانت خسارة جيش الباشا فهو ضابط واحد برتية نقيب , ووقتل واحد من الجيش النظامي , ومقتل ثمانية جياد , وجرح ثلاثة اشخاص من رماة المدافع وخمسة من الجرحى جنود .


وعاد جيش الباشا ليلاً الى مواقعهم منتصرين , ورغم اخطاء الجنود التي احدثوها في المعركة كانت لهم نتيجة حسنه وغفر عنهم الباشا هذا الخطاء , وزع الجنرال جوائز مقدارها خمسة قروش لكل راس مقطوع , ومبالغاً مماثلاً لمن احضر زوجاً من الأذان او اسيراً , وكانت مقدار القذائف التي ضربت بها الحصون (325) قذيفة .


وصف الأمير دوسري ان الشجاعة لن تساعدهم بأي شيء فجيش العسيرين أكثر خطورة من عايض , وقال لو استغل الجيش المصري خوف العسيرين الناجم عن الأنتصار من المحتمل ان يجد الجيش الكثير من الطعام , وقد حاول اقناع الباشا والشريف الكبير ولكنه لم يستطع ذلك , واعترف دوسري ان سبب خسارت العسيرين وخطط الأمير عايض هم الجواسيس الذين اطلعوا الباشا على الخطة , .


وعند دخول احد القادات الى الحصن , استغرب ان عدد القتلى اربعة رجال فقط , فقام بالتفتيش ومعه مجموعة من الجنود واذا بوجود خندق محفور تجت الأرض وعندما القى نظرة اليه وجدوا ان به اربعة واربعين قتيلاً , وكانت تلك سياسية من الجيش العسيري حيث تركوا اربعة رجال قتلاً لكي لايشكون في أمرهم , فأستدى احد القادة اسيراً من اهل خميش مشيط ليعترف بالخطط التي داخل الحصن ولكنه لم يجيبهم الاّ بعد التهديد بقطع رأسه , فأدلهم على موقع ليبدوا المهندسين العكريين بالحفر واكتشاف مابداخل هذه الخنادق , فقد وجودوا داخلها الكثير من المحاصيل الزراعيو زالحب والقمح .


انتهـــي الجزء الثالث عشر _________ قريباً الجزء الرابع عشر - ان شاء الله تعالى



الجزء الرابع عشـر



(23-أغسطس 1834)


بعد معركة خميس مشيط عاد جيش الأمير عايض الى قراهم, وعاد رجال المع الى قراهم , وقد نفى الأمير عايض عندما سأله ابن دهبان عن ان كان سمح لهم , , وقال كل واحد تركني وانا مهدد بالبقاء لوحدي , ولكن هذا لايهمني , سوف انسحب الى قلاع ريدة , وسأغامر نفسي تحت انقاضها , ووفقاً للطريقة التي تصرف بها الأمير عائض في هذه الظروف لمواجهة العدو يبدو ان خطابه لايعلن عن حل حاسم .


أختار الأمير عايض قرية ((مناظر)) لتكون محل التقاء وتجمع القبائل ومقراً لأقامته وقت السلم , وقبل انسحابه من هذا المكان توقف لفترة قصيرة في البيت الجميل الذي لم تمض فترة طويلة على بناء سلف له , وقد أمر الى كاتم سره دهبان ان يفرش له سجادة ليصلى لله ويدعوه ان يحمي عسير من أعدائها , ولم يخف الأمير عائض من تأخره في هذا المكان قائلاً : عملاؤنا السريون لديهم الوقت الكاف لأخبارنا .


أمر الأمير عايض ابن دهبان ان يزيل كل شيء من بيته , وان يشعل فيها النار , ولايذهب حتى تحترق كاملة , وبعد ان أشعل النار فيها أرتفعت أعمدة اللهيب والدخان من كل مخارج القصر , وتقوض البيت الجميل الى أجزاء متهدمة , .

كان الأمير علي مسروراً عندما بنا هذا البيت الذي أحرقه عايض وكان قد زخرفه وتوج به أنتصاراته في جميع حملاته , ان ذلك القصر الجميل الذي أطلق عليه الأمير علي بن مجثل أسم ((المفتاحه)) لم يعد ذلك القصر الجميل بعد ان أكلته النيران .

((24 أغسطس 1834 م))


منذو اليوم التالي للمعركة وسلطان بن عبده الذي هو رئيس قبيلة من قبائل عسير بحق الوراثة , يقضى معظم أوقاته اما عند الباشا او في خيمة الشريف الكبير , وكان يريد ان يتقاسم على الأقل حكم جزء بسيط من عسير مع الأمير دوسري , وقد ثبت ذلك من خلال وقفاته مع الجيش وأعطاء اخبار اول بأول عن جيش وسكان عسير , وحاول رفع أكثر من دعوة على دوسري , ولكن حصل هناك أجتماع بقيادة الشريف الكبير ومحمد عون , وحاولوا ان يقسما الأمر بينهم , الاّ ان الشريف رفض ذلك , وقال لدوسري , بناء على أوامر محمد علي فأنت ستصبح أميراً على عسير ونائب الملك في مصر.

وعندها استدار الأمير دوسري الى سلطان بعد ان تحقق لدوسري كل شيء وقال له : *سلطان , أسلمك قيادة قبيلة (علكـــم ) والتي كنت شيخاً لها قبل ان يقصيك الأمير علي , ولكن على شرط ان تعطني كل كبيرة وصغيرة من أعمالك , مثلك مثل التابع الى رئيسه .وبموجب موافقة الى هذا الشرط أعتبر نفسك كذلك .فقبل سلطان بالشرط , وغادر الى بلاده حيث كان ينتظره اتباعه هناك .


لقد قدم الى الباشا الى الأن خمسة وعشرون شيخاً من شيوخ عسير , معلنين طاعتهم , ويطالبون بالأمان , ومازال الأمير عائض يرأس أكثر من خمس عشرة الفأ من الجيش .


(25 -أغسطس 1834))


حصل الشيخ علي بن مشيط شيخ خميس مشيط على الأمان لقبيلته , ووعد بأنه سيزود الجيش بأحتياجاتهم , وفي الوقت نفسه وقع الشيخ علي الصعيري مع البدو مقابل ان يبتاع الجيش الأردب من الشعير مقابل ( 2) تالاريز , ودقيق القمح ب(3) تالاريز , وقد أستلك بهذا الشأن (3500) تالايز .


فقام الشيخ علي الصعيري على مغادرة المعسكر للقيام برحلة كلفه بها الباشا في البحث عن مشيط , الذي خاف على نفسه وهرب مختفياً في الجبال , وأبلاغه الأمان الذي منحه إياه الباشا ., ومن ثم عاد سكان القرى التي منح شيوخها العفو الى مواصلة حياتهم العادية والمحافظة على ممتلاكاتهم , وقد أخذو من موادهم المستهلكة وأستخدامها للبيع في المعسكر حسب توجيهات الباشا , 


دفع الأسرى فدية لإطلاق سراحهم غلات من الحبوب , وبعضهم أجبر على تسليم ثلاثين أردباً من القمح , والبعض خمسين أردباً من القمح , اما الأغنياء فقد فرض عليهم مائة أردب , وبمجرد ما يوفي بوعدهم بهذه الشروط تعاد اليهم حريتهم .



يتبـــــــــــــــع



قدم اليوم شيخ ((رجال المع الحجاز )) ليعن استسلامه , اما شيخ ((رجال المع اليمن)) لم يصل الى الأن وهذين الشيخين قد أرسلا ممثلين لهما الى بيشة ليقدما للباشا مساعدتهم ضد العسيرين , وبما انهم لم يكونوا راضيين عن تلك المحادثة , فقد قدم الفين رجل حاربوا تحت راية الأمير عايض في الحروب الأخيرة ,.


أخبر بدو قبيلة بني مغيد المحاذين لقبيلة علكم ان الجيش يدمر البلاد في سبيل الحصول على حاجتهم من الجنود والحيوانات , فكتبوا الى الباشا والشريف الكبير يعلنون عن موافقتهم على قبول الأعتراف بسلطة محمد علي , فقبل رئيس الحملة هذا الأعتراف , ومن المعلوم ان عايض من سلالة (بني مغيد) وهو قائد هذه القبيلة , قبل ان يعتلى سده حكم عسير , .


وصلت الأخبار تخبر بأن الأمير عايض أصبح يشعر بخورة الوضع تجاه القبائل التي يحكمها , فقد كان قد أحتمى في جبل أسمه (السقا) ومن هناك قرر تجربة المقاومة العسكرية مرة اخرى من نفس الموقع , واذا قلب القدر له فأنه سينحدر الى أسفل تلك الجبال الى حصون ريدة كأخر ملجأ , .ومن ثم تقدم دوسري بعرض الألتحاق برجال قبيلته , لاشيء يستطيع وصف مشاعره وهي ان يرى قريته مرة أخرى , ومن ثم أتجه الى عسير , وقد ترك الأمير دوسري بلاد عسير وكان متزوجاً وأمرته حاملاً , وكان شاباً وله أماً مسنه وقد أشار الى ذلك لما شاركه الذهاب الى قريته , .


وفيما بعد قدم ولد ابن (أبو نقطه) من عاصمة رفيدة (طبب) على رأس خمسمائة رجل , وأربعمائة كانوا يرابطون من خميس مشيط , تقــدم عبدالله وهو أسم ولد دوسري ابو نقطة للسلام على الباشا اولاً ومعه رفقه من الرجال المميزين , ومن ثم أتجه على السلام للشريف الكبير , ثم خرج بعد ذلك من خيمة الشريف للذهاب الى معانقة والده الذي تبث متحملاً كل آلام الدنيا واقفا منتظراً الطقوس العسكرية التي فرضت عليه .


تعانق الأب والأبن مطوقين بالأذرع بعاطفة جياشة معبره , انهما لم يرى بعضهما من قبل , وكان قد بلغ عبدالله من العمر ستة عشر عاماً , وكان يبدو انه أكبر بقليل من عمره , وتبدو عليه المعناة , فقال لأبيه (لقد قدم اليّ الشيوخ ذوو المكانة المهمة , وقدموا لي قسم الولاء والطاعة بأنني رئيسهم الشرعي بحكم انني ابن دوسري ابو نقطه , وقبائل ربيعة ورفيدة يطالبون منك ان تحضر لقيادتهم , وعدم تضييع الوقت ).ثم غادر الأمير دوسري الى بلدته .


قدم عدد كبير من شيوخ (رجال المع الحجاز) و(رجال المع اليمن) ورجال (ربيعة ورفيده ) لإعلان أستسلامهم , وفي الوقت نفسه فقد قدم السفير الدبلوماسي ((هنيدي)) أستقالته من للأمير عايض وذلك بعد ان أستشاره في أمور مهمه ولكن الأمير عايض لم يلقى لها بال , وقد أرسل هنيدي خطاب الى الباشا قائلاً فيه ((أحمد باشا أرجوك ان تنسى موقفي الذي بادرت به وموقفي الذي وقفته في المشاركة الفعليه للحرب , وانا اسألك العفو عني وعن أبناء قبيلتي , ولقد تخليت كلياً عن اي دور سياسي , مفضلاً العيش كأي شخص عادي )) , فقبل الباشا طلبه بشأن العفو .


لقيت الحملة والجيش الدعم الكبير من الأعاشة التي كانت تنقص هذا الجيش كثيراً بسبب كثرته وبعد المسافات وصعوبتها , الاّ ان القبائل التي تطالب بالأمان كانت تدعمها من محاصيل الأرض , والحيوانات وغيرها , وقد واجهة الحملة أعاصيف شديدة أستمرت الى ثلاث ايام مع أنخفاض درجة الحرارة التي لم تتوقف بل كانت في أزدياد كبير .


أنتهـــي الجزء الرابع عشر  ==قريباً الجزء الخامس عشر ومن ثم الجزء السادس عشر والأخير ان شاء الله تعالى

انتها النقل

-------------------------------
دمتم جميعا بالف عافية




المصدر : أخبار بللسمر


تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا

0 التعليقات :

اخبار

مدونة الوان جنوبية ، قناة ، جنوبيات ، الوان جنوبية ، برامج ، مدونة الوان ، حصون ، شخصيات ، الوان ، ابها ، اندرويد ، ثقافة ، جنوبية ، فلكلور ، ادب ، هواتف ، قلاع ، صور ، فنون ، وثائقيات ، اثار ، مدونة جنوبية ، حضارات ، قبائل عسير ، سياحة ،طرب ، رقصات جنوبية ، فلكلورية ، خطوة ، رحلة ، التراث ، تاريخ ، حضارة ، اخبار ، مع ، ناريخ ، قصص ، امثال ، عسير

Social Icons

.

Featured Posts

.
Subscribe Via Email

Subscribe to our newsletter to get the latest updates to your inbox. ;-)

Your email address is safe with us!

حضارة وتاريخ

جميع الاقسام

أقسام المدونة :

بلوجر

زخرفة انجليزيه احترافيه

blockquote { display: block; margin-top: 1em; margin-bottom: 1em; margin-left: 40px; margin-right: 40px;
}

منوعات

صور ديكور


اخر التعليقات

الوان جنوبية. يتم التشغيل بواسطة Blogger.