وقف أمام التمرد ضد أمير «ابن سعود» في أبها ونجح في مهماته
الوطنية
عبدالوهاب أبو ملحة.. «أمين بيت المال»
الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة
مستقبلاً الملك سعود بقصره في خميس مشيط
إعداد - منصور العساف
الشيخ عبدالوهاب بن محمد بن علي بن سلطان بن مفلح بن علي أبو
ملحة، أحد وجهاء المنطقة الجنوبية الذين حفظ لهم التاريخ أعمالهم التي شاركوا فيها
قادة هذه البلاد في مرحلة التوحيد، لا سيما في المنطقة الجنوبية التي برز فيها دور
الشيخ أبو ملحة، الذي ولد في قرية «العرق» في أوائل القرن الرابع عشر الهجري عام
1303ه الموافق 1885م، حيث توفي والده وهو صغير، فتولى رعايته وأخيه عمهما سعيد،
وكانت والدته هي عطرة بنت عبدالوهاب المتحمي، من أسرة آل أبو نقطة المشهورة في
تاريخ عسير، في حين كان والد عبدالوهاب أبو ملحة وجده من الوجهاء والأعيان في
ديارهما، ولهما دور بارز في الإصلاح بين الناس، وتقسيم المواريث؛ لما لديهما
-رحمهما الله- من الدراية والإلمام بالعلوم الشرعية.
وعرف عن الشيخ
عبدالوهاب أبو ملحة -رحمه الله- أنّه رجل صادق يسعى للصلح العام، وكثيراً ما يعمل
لنصرة المظلومين، ومساعدة المحتاجين، كما وصفه «محمد عمر رفيع» في العقد السادس من
القرن الماضي قائلاً: «إنّ عبدالوهاب أبو ملحة رجل قصير القامة، دقيق الأطراف،
بشوش الوجه، خفيف الحركة، وعلى محياه طلاقة وإيناس»، ويتعرض لوصفه «أحمد مطاعن»،
قائلاً: «عبدالوهاب رجل حنطي اللون، ترى في ملامحه الذكاء الخارق والدهاء، جاد
بعيد الرؤية، عميق التجربة، تغلب على هيبته الاحترام الاجتماعي مع سماحة في الوجه».
وحظي الشيخ عبدالوهاب
أبو ملحة بثقة الملك عبدالعزيز فأصدر أمره الملكي بتعيينه مديراً لشؤون بيت مال
منطقة عسير -تهامة وسراة-، وصدر الأمر برسالة أرسلها الملك عبدالعزيز إلى
عبدالوهاب أبو ملحة في جمادى الأولى عام 1343ه الموافق 1923م، ذكر فيها حاجة بيت
مال الجنوب إلى الإصلاح، وأنّه هو الأنسب لهذه المهمة، وذلك لثقة الملك عبدالعزيز
به كما جاء في الرسالة، موجهاً إياه بأن يتولى جميع بيت المال هناك، ويكون عن طريقه
هو فقط، وبعد أن تم تكليف الشيخ أبو ملحة بإدارة بيت المال في أبها عام 1342ه
الموافق 1923م، وجهه الملك عبدالعزيز بأن يوظف من يلزم من الكتاب الموجودين في
أبها، مشيداً بدوره وأمانته وصدقه كما ذكر صاحب «القول المكتوب في تاريخ الجنوب»،
وهناك الكثير من الوثائق من الملك عبدالعزيز إلى عبدالوهاب أبو ملحة يوصيه ويحرصه
على المسؤولية، ويضع الثقة فيه، ويشد عليه بأن يوصي موظفي بيت المال بالصلاح، وعلى
الرفق بالناس والرأفة بهم وعدم الشدة معهم.
معترك الحياة
تنقل الشيخ عبدالوهاب
أبو ملحة بين أسرته في خميس مشيط وأخواله المتاحمة بقرية طيب حاضرة ربيعة ورفيدة
عسير، وقد عرف عن أسرة عبدالوهاب أبو ملحة وأخواله الثراء وامتلاك المزارع
والعقارات، علاوة على ما يتمتعون به من مكانة اجتماعية وتقدير لدى عموم قبائل
المنطقة الجنوبية، وكان أول ما زاول عبدالوهاب مهنة الزراعة في أملاك أسرته بخميس
مشيط، وتدرج به الأمر إلى أن عمل بالتجارة، وسافر إلى نواحي عديدة في مناطق عسير
وجازان والحجاز واليمن، وأقام علاقات طيبة من خلال ممارساته التجارية، واكتسب
الخبرات والتجارب عبر تنقلاته، واطلاعه على الأوضاع السياسية والاجتماعية
والاقتصادية لتلك المناطق.
صفاته الخلقية والخلقية
عرف عن الشيخ عبدالوهاب
أبو ملحة -رحمه الله- أنّه رجل صادق يسعى للصلح العام وكثيراً ما يعمل لنصرة
المظلومين ومساعدة المحتاجين، كما وصفه «محمد عمر رفيع» في العقد السادس من القرن
الماضي قائلاً: «إنّ عبدالوهاب أبو ملحة رجل قصير القامة دقيق الأطراف، بشوش
الوجه، خفيف الحركة، وعلى محياه طلاقة وإيناس»، ويتعرض لوصفه «أحمد مطاعن» قائلاً:
«عبدالوهاب رجل حنطي اللون، ترى في ملامحه الذكاء الخارق والدهاء، جاد بعيد
الرؤية، عميق التجربة تغلب على هيبته الاحترام الاجتماعي مع سماحة في الوجه».
مناصرة دعوة المؤسس
كان الشيخ عبدالوهاب
أبو ملحة من الذين التفوا حول الملك عبدالعزيز وقد اتضح ذلك أكثر عندما حدث تمرد
ضد أمير ابن سعود في أبها «فهد بن عبدالكريم العقيلي»، مما أجبر العقيلي على
مغادرة أبها مع رجاله وسلاحه متجها إلى نجد، وقال الأستاذ الدكتور «غيثان بن علي
بن جريس» أنّه عند وصول العقيلي خميس مشيط استقبله أمير شهران سعيد بن عبدالعزيز
بن مشيط، والشيخ عبدالوهاب أبو ملحة الذي استضافه ورجاله في داره بحي العرق -من
أحياء خميس مشيط القديمة- فأكرمهم وأحسن ضيافتهم، وجمع حولهم بعض الموالين للحكم
السعودي، وعندما علم بعض رجال عسير ما قام به أبو ملحة، قرروا مهاجمتهم في دار من
آواهم، وحاصروا مدينة خميس مشيط، وداهموا منزل الشيخ أبو ملحة وقبضوا على الأمير
فهد العقيلي، وفرقوا العشائر التي التفت حوله، فرأى أبو ملحة أنّه من الحكمة
الخروج من المنطقة، وخرج إلى بيشة متجها إلى الشيخ «هيف بن ناصر الفويه» -شيخ بني
واهب-.
وهو أيضاً من أوائل
المناصرين للملك عبدالعزيز في المنطقة، ثم طلب العون والمدد من الملك عبدالعزيز،
ولم يتوانَ الملك في ذلك فأرسل جيشاً كبيراً، وقوة ضاربة بقيادة الأمير فيصل بن
عبدالعزيز لإخماد نار الفتنة، ولما وصل إلى عبدالوهاب خبر قدوم الأمير فيصل من
الرياض متجهاً إلى عسير هم باستقباله، وكان أول لقاء جمع بين الاثنين في رنية عام
1341ه، فشكر الأمير فيصل الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة، وأثنى على مواقفه المشرفة في
استضافة الحامية السعودية ومناصرتها، وسلمه رسالة من الملك عبدالعزيز يثني على
مواقفه البطولية، ثم بعثه الأمير فيصل برسالة إلى شيخ قبيلة بني واهب يحثه فيه على
الاستعداد لمساندة الحملة السعودية ضد المتمردين، وكان هذا أول تكليف رسمي من
الأمير فيصل للشيخ أبو ملحة، ومن بعدها انطلق يتدرج في تولي المهام الجسام، التي
أوكلت إليه من الملك عبدالعزيز وأبنائه من بعده -رحمهم الله جميعاً-، وكانت هذه
نقطة تحول في حياة أبو ملحة، ومن ثم انخرط في المعترك السياسي والإداري والمالي
والاقتصادي والاجتماعي لفترة تزيد على (30) عاماً.
تعيينه مديراً لبيت
المال
حظي الشيخ عبدالوهاب
أبو ملحة بثقة الملك عبدالعزيز فأصدر أمره الملكي بتعيينه مديرا لشؤون بيت مال
منطقة عسير -تهامة وسراة- وصدر الأمر برسالة أرسلها الملك عبدالعزيز إلى عبدالوهاب
أبو ملحة في جمادى الأولى عام 1343ه - 1923م، ذكر فيها حاجة بيت مال الجنوب إلى
الإصلاح وأنّه هو الأنسب لهذه المهمة، وذلك لثقة الملك عبدالعزيز به -كما جاء في
الرسالة-، موجها إياه بأن يتولى جميع بيت المال هناك، ويكون عن طريقه هو فقط، وبعد
أن تم تكليف الشيخ أبو ملحة بإدارة بيت المال في أبها عام 1342ه 1923م، وجهه الملك
عبدالعزيز بأن يوظف من يلزم من الكتاب الموجودين في أبها، مشيداً بدوره وأمانته
وصدقه -كما ذكر صاحب «القول المكتوب في تاريخ الجنوب»-، وهناك الكثير من الوثائق
من الملك عبدالعزيز إلى عبدالوهاب أبو ملحة يوصيه ويحرصه على المسؤولية، ويضع
الثقة فيه، ويشد عليه بأن يوصي موظفي بيت المال بالصلاح، وعلى الرفق بالناس
والرأفة بهم وعدم الشدة معهم.
المرجعية الكاملة
كان أبو ملحة على صلة
تامة بموظفيه في إدارة المالية بأبها، وكذلك فروع الماليات في عسير، ويذكر من
يعرفه جيداً أنّه كان يسمع مشاكلهم ويقضي احتياجاتهم، ويتجول في أنحاء المنطقة من
أجل الوقوف على الإدارات الفرعية، وعليه فقد امتلك أبو ملحة في كثير من الأوقات
المرجعية الكاملة في متابعة وحل المشاكل في منطقة عسير، ويتضح ذلك من خلال رسالة
الملك عبدالعزيز إلى مأموري الماليات في أبها والقنفذة والبرك وملحقاتها، حيث وجه
فيها الملك عبدالعزيز -رحمهما الله- فيها باعتماد عبدالوهاب بالكشف على تلك الدوائر
وجمع وارداتها وفوضه بعزل من تبين خلل في وظيفته، وتوظيف من يراه مناسباً، وبعد
تشكيل مجلس الشورى السعودي وإقرار وزارة المالية بدل الوكالة، وتعيين الشيخ
عبدالله السليمان وزيرا لها، أصبحت ماليات البلاد مرتبطة ارتباطاً مباشرا
بالوزارة، ووردت العديد من الوثائق والمراسلات بين الوزير السليمان وأبو ملحة
بخصوص الشؤون المالية، وبلا شك أنّ الوزير السليمان يثق بعبدالوهاب أبو ملحة من
ثقة الملك عبدالعزيز -رحمهم الله جميعاً-، والذي يؤكّد في العديد من رسائله أنّ
المسؤولية بكاملها فيما يتعلق بمالية الجنوب من اختصاص أبو ملحة فقط.
رئيسا ل»ماليات الجنوب»
وخلال عامي 1354-1355ه
بدأت إدارة أبها بضبط الأمور المالية في جوانب شتى، مثل: الإشراف على جمع الزكوات،
وحفظ الحقوق الحكومية وحقوق الرعية، وتحصيل الرسوم، وصرف رواتب الموظفين، وما إلى
ذلك من الشؤون المالية الأخرى، وفي عام 1359ه الموافق 1940م أصبحت مالية أبها
إدارة رئيسة ومرجع لجميع ماليات المنطقة الجنوبية، وذلك بقرار وزير المالية، وكان
عبدالوهاب أبو ملحة هو الرئيس العام لهذه الماليات، وإحساساً منه بالمسؤولية
الملقاة على عاتقه فقد كان -رحمه الله- حريصاً ودقيقاً في عمله وحساباته، ويتضح
ذلك في العديد من خطاباته إلى مديري ماليات الجنوب يطلب منهم الإفادة عن
المصروفات، والعائدات، ومقار الماليات، ورواتب الموظفين، وعمل الموازنة الشهرية،
وكل ما يتعلق بالشؤون المالية، وهكذا استمر أبو ملحة يدير دفة ماليات الجنوب من
أبها، فكان حلقة الوصل بين هذه الإدارات والملك وأجهزة الدولة الأخرى.
العلاقة مع المؤسسات
الإدارية
امتدت مشاركات أبو ملحة
إلى جميع القطاعات الرسمية والأهلية، ولم ينحصر دوره في إدارة المالية، فالإمارات
مثلا كانت أهم المؤسسات ذات الصلة بأبي ملحة، وهناك العديد من الوثائق التي تشير
إلى ذلك، ومن ضمنها رسالة الملك عبدالعزيز إلى أمير عسير عبدالله بن عسكر في
2-4-1346ه، يوصيه بالتعاون مع أبو ملحة في جميع الأحوال، وفي وثيقة من الملك
عبدالعزيز إلى أمير القنفذة فهد بن زعير في 8-4-1346ه، يحرصه فيها على مساعدة
عبدالوهاب في جميع ما يلزم والاتفاق معه في جميع الأمور اللازمة وشدد عليه بذلك،
كما كانت لأبو ملحة صلات ببعض المؤسسات الحكومية في جازان، وكان أمراء المناطق
حريصين على اطلاع أبو ملحة على كثير من الأمور، ومثالاً على ذلك تلك الوثيقة
أرسلها له الأمير تركي السديري في3-9-1352 ه، يشرح له ويستشيره في أمور كثيرة تخص
المنطقة الجنوبية.
ولاؤه لوطنه وولاة أمره
وقد ترجمت وثائق «ابن
جريس» ولاء «أبو ملحة» لبلاده وولاة أمره ففي وثيقة بتاريخ 24-12-1340ه من الملك
عبدالعزيز إليه، يشكره على ما بذل من جهود حسنة في مناصرته أثناء دخوله عسير،
ومقدراً له مواقفه النبيلة ويعده بكل خير، ومما يؤكّد أيضاً ولاء عبدالوهاب أبو
ملحة أثناء بدايات الحكم السعودي الحديث في عسير خطاب من الملك عبدالعزيز إلى
الإمام عبدالرحمن الفيصل في 25-12-1341ه، ومن ضمن ما جاء فيه: «أبو ملحة مقامه
معنا ومع المسلمين مقام طيب»، وفي وثيقة أخرى بنفس التاريخ من الملك يشكر فيها أبو
ملحة على تواصله المستمر وتفانيه فيما يحقق الوحدة وجمع الكلمة، وأخرى بتاريخ
10-10-1341ه يؤكّد ثقته فيه ويدرك ما يكنه من ولاء وصدق للدولة، وكان الملك
عبدالعزيز -رحمه الله- حريص على إبلاغ أبو ملحة بانتصاراته في نواحي عديدة من
الجزيرة العربية، ويذكر له برسالة مطولة في 23-2-1343ه الجيوش التي أرسلها إلى شرق
الأردن للتصدي لبعض الأحداث هناك، كما فصل له الحديث عن الجيوش التي دخلت الطائف،
وفي وثيقة بتاريخ 27-12-1345ه من الأمير فيصل بن عبدالعزيز إلى أبو ملحة يقول
فيها: «كل أعمالك موافقة للولاية واجتهادك وضبطك بيت المال كان معلوم عندنا،
وعلومك طيبة، نرجو لكم الإعانة والتوفيق».
قائد عسكري
بدأت نشاطات الشيخ أبو
ملحة العسكرية منذ انضمامه إلى الحملة الحربية التي جاءت بقيادة الأمير فيصل بن
عبدالعزيز لإتمام مرحلة توحيد البلاد والتي شارك أبو ملحة في كثير من فصولها
ومراحلها، لا سيما في جازان، حيث كلف أبو ملحة بقيادة القبائل هناك عام 1350ه
الموافق 1932م فشكل جيشا قوامه حوالي (3500) مقاتل، وساروا جميعاً بقيادة أبو
ملحة، حتى وصلوا صبيا فاستولوا عليها في 26-2-1350م، ثم واصلوا سيرهم وانضموا إلى
المدد الذي جاء من الطائف بقيادة الشريف خالد بن لؤي وابنه سعد، وخاضوا جمعياً
معركة حامية الوطيس في بلدة «المضايا»، وأصيب عبدالوهاب أبو ملحة برصاصة اخترقت
فخذه الأيمن، وذلك في شعبان 1350ه الموافق 1932م، ثم وصل إليهم مدد عسكري كبير من
الرياض، بقيادة الأمير عبدالعزيز بن مساعد، وفي أواخر شهر شوال عام 1351ه الموافق
1933م استطاعت تلك الجيوش أن تضم ما تبقى من الجهات الجنوبية، لا سيما أنّها
استمرت أيضاً، حيث كلف الأمير سعود بن عبدالعزيز من قبل والده الملك عبدالعزيز
بمواصلة مراحل الوحدة، والتوجه نحو منطقة نجران التي طلب أهلها الانضمام لوحد
المملكة العربية السعودية -كما ذكر العقيلي- في «تاريخ المخلاف»، وكان لأبو ملحة
إسهامات كثيرة ومشاركات واضحة في إتمام مراحل الوحدة في المنطقة الجنوبية عامة.
إسهاماته الأمنية
والسياسية
للشيخ أبو ملحة مشاركات
أمنية وسياسية عديدة، ومن ضمنها كما ذكرنا مواقفه المشهودة في إتمام مراحل الوحدة
في المنطقة، بالإضافة لأعماله في تحقيق أمن الطرقات والأسواق والموانئ وغيرها، فهو
يدرك مدى أهمية الأمن في معيشة الناس وازدهار أعمالهم ونشاطاتهم التجارية؛ مما
يتيح لموظفي الماليات جباية رسوم وإيرادات الدولة، والقيام بأعمالهم بأريحية وعلى
الشكل المطلوب، كما كان حريصاً على توفير الأمن للحاج اليمني منذ دخوله إلى نجران
حتى وصوله بلاد غامد وزهران؛ إنفاذاً لتوجيهات الملك عبدالعزيز -رحمهما الله-، كما
كان له دور في السياسة الخارجية، حيث كان ضمن الوفد الذي أرسله الملك عبدالعزيز
إلى إمام اليمن «يحيى حميد الدين» من أجل إنهاء المشكلة الحدودية بين البلدين،
وكذلك شارك في الوفد الذي أرسله الملك عبدالعزيز إلى اليمن، والذي يتعلق بوضع
الأدارسة في جازان، والاتفاق على ترسيم الحدود وحسن الجوار، وإنشاء علاقة صداقة
وتآخي، وتشير الوثائق إلى أنّ الشيخ أبو ملحة ترأس الوفد السعودي الذي ذهب إلى
ترسيم الحدود على الواقع عام 1354م، كما كان له دور في مراقبة الحدود مع اليمن،
والتشاور مع بعض موظفي الدولة فيما يخدم أمن ومصلحة البلاد أمنياً وسياسياً.
إسهاماته التعليمية
كان للشيخ عبدالوهاب
أبو ملحة العديد من الإسهامات في مختلف المجالات، ومن ذلك دوره في الناحية
التعليمية في بلدان جنوبي السعودية، حيث كان على صلة مباشرة بالقضاة ورجال الدعوة
في منطقة عسير، يتشاور معهم في العديد من الجوانب التعليمية والدعوية، وكان القضاة
يستعينون به في دوائرهم ونواحيهم في كثير من الأمور كصرف رواتبهم ورواتب موظفيهم،
وتسهيل أحوال بعض أئمة المساجد، وحل مشاكل المدرسين والقراء الذين يعلمون القرآن
الكريم والعلوم الشرعية، كما استضاف أبو ملحة الرحالة والمعلمين والباحثين الذين
قدموا إلى بلاد الجنوب السعودية مثل «فيلبي» و»فؤاد حمزة» و»محمد عمر رفيع»
والمهندس «توتيشل»، وغيرهم، حيث قام أبو ملحة بواجب الضيافة تجاههم وسادنهم، ووفر
لهم كافة الإمكانات التي يحتاجونها في جولاتهم، وجميعهم كانوا مدعومين من الملك
عبدالعزيز للقيام ببعض النشاطات العلمية في المنطقة.
وقد ورد في كتب بعضهم
ذكر لجهود أبو ملحة تجاههم أثناء تواجدهم بالمنطقة الجنوبية، وهناك عشرات الوثائق
التي تشير على اهتمامه بالناحية التعليمية، ومن ذلك ما يرويه «سعد بن سعيد بن
مرزوق» الملقب ب»أبو حجر» أنّ أبو ملحة بنى مدرسة الخميس على نفقته الخاصة، ويتابع
سيرها، ويسأل عن احتياجاتها، فلا يتأخر عن توفيرها، ويذكر الأستاذ «إبراهيم بن
فائع الألمعي» أنّ الشيخ أبو ملحة خص هذه المدرسة بالكثير من الرعاية والاهتمام،
من فرش، وحصر، وحفر بئر، وتوصيل مياهها، من أجل الوضوء ولإقامة الصلاة، وإنشاء
حديقة صغيرة، وقد حرص أبو ملحة على تدريب وتوظيف المعلمين من شباب المنطقة، وفي
ذات الإطار التعليمي نجد وثيقة من مدير المعارف العام «طاهر الدباغ» بتاريخ
16-1-1357ه يثني على جهود أبو ملحة ودوره في ازدهار العلم في المنطقة الجنوبية،
وإكرامه للمعلمين وتشجيعه للطلبة، كما أنّه سعى لفتح المدرسة العسكرية في أبها
بداية السبعينات الهجرية من القرن الماضي، والتي انخرط فيها العديد من أبناء
المنطقة الجنوبية كافة، ووصل العديد منهم إلى مناصب قيادية عالية في الجيش والأمن
العام.
شهادة قلم
ونجد في الوثائق
التاريخية التي قدمها الأستاذ الدكتور «غيثان بن علي بن جريس» العديد من الرسائل
بين الملك عبدالعزيز والشيخ عبدالوهاب أبو ملحة والتي تدور حول الأحداث في مختلف
الجوانب، مما لا يمكن حصره في إطار ضيق، إضافةً إلى المراسلات والوثائق الأخرى بين
الشيخ أبو ملحة والعديد من الأمراء والشخصيات والقياديين والوجهاء، وكلها مؤرخة
بأحداثها، وكذلك ما كتبه الرحالة والمستشرقون عن أبو ملحة، وهذا الزخم من
المعلومات والوثائق لا شك بأنّه يثري مكتبتنا التاريخية، ويطلع الجيل المعاصر على
أحداث كانت غائبة عنهم، ويشير أبناء وأحفاد الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة أنّ معظم هذه
الوثائق هي بحوزتهم، لا سيما تلك التي أشار إليها بعض من كتب في تاريخ المنطقة
الجنوبية.
وفاته
كانت وفاة الشيخ
عبدالوهاب أبو ملحة -رحمه الله- بعد وفاة المؤسس رحمه الله بسنة واحد حيث توفي
عاما 1374ه بعد خروجه من صلاة الفجر، التي ما أن وصل منزله حتى لقي وجه ربه -رحمه
الله- رحمة واسعة.
صورة قديمة لقصر أبو ملحة في أبها
الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة
الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة مع الأمير تركي السديري
والأمير خالد السديري والشيخ عبدالله بن حميد
أبو ملحة ساهم في تنمية مجتمعه الجنوبي اقتصادياً
وتعليمياً
0 التعليقات :