Image

عسير: «الحصون والقصاب» فن معماري قديم




منطقة عسير

ومحافظاتها ، رجال ألمع ، ومحايل ، وغيرها

طابع مميز في البناء القديم

عسير: «الحصون والقصاب» فن معماري قديم يعكس جمالية البناء جنوب السعودية



المنازل المتقاربة والطرق الضيقة وفرت لساكنيها الأمان والتواصل الاجتماعي


استطاعت ثقافة أبناء المنطقة الجنوبية من المملكة العربية السعودية أن تؤثر وتتأثر بما حولها لتصنع بيئة تفردت من خلال نمط البناء والعمارة، ولتفرض أساليب اختصت بها المنطقة عن سواها وتجلت في طريقة تشييد البيوت ومخازن الغلال والقلاع.
تمكن أبناء المنطقة الجنوبية من فك رموز بيئية وساعدهم ذلك على التكيف مع طبيعة جغرافية تختلف كليا عن باقي مناطق المملكة، ليخلقوا لأنفسهم طابعا يُعرف عنهم، ويمثل اعتمادهم على مصادر بيئية طبيعية متعددة ليعيشوا ويتعايشوا وفق نمط تاريخي تراثي.

العم سعيد يحيى (87 سنة) اصطحب «الشرق الأوسط» في جولة بين القرى المهجورة، مستعرضا الإرث الثقافي التاريخي لنمط العمران قديما في المنطقة الجنوبية وخاصة مناطق السراة.


أشار العم سعيد إلى حجر صُف بطريقة ذكية، وقال: «هذا الحجر يسمى (الحيود) ويعتبر من أساس البناء قديما، ويتم رصفه فوق بعضه بعضا بعد أن يوضع على كل طبقة طين سبق مزجه بالماء والتبن والأعشاب ليداس بالأقدام وحوافر الحيوانات لمدة أسبوع، بهدف تقليبه وإعطائه التماسك اللازم», وأشار العم سعيد إلى أن استخدامات الطين لا تقتصر على البناء فقط، فهو يستخدم لتغطية جدران المنزل من الداخل وأرضيات الغرف والممرات والدرج. ويذكر العم سعيد أن «الحيود» كانت تجمع من السهول والأودية لتنقل على ظهور الحيوانات إلى موقع البناء حيث تستخدم، وحسب قوله في بناء الجدران الرئيسية للمبنى والفواصل بين الغرف، لافتا إلى أن أكثر مباني الطين لها أسس استخدمت فيها الحجارة لنحو متر أو مترين كارتفاع، معللا ذلك بأنها تعتبر دعما لقاعدة البناء.


واللافت للنظر هو شكل بعض البنايات، الذي يسمى عند بعض المناطق في السراة بـ«الحصون», أو «القصاب» حيث تتسع من الأسفل لتضيق كلما زاد ارتفاعها فتأخذ شكل الهرم الناقص، وعن السبب يقول العم سعيد: «لهذا البناء ميزة جمالية وصفة أمنية وهي أنه يجعل للمبنى قاعدة عريضة تثبته، وهذا ما أدركه الأولون لتضيف ميزة من مزايا البناء القديم»، مبينا أن هذا الطراز المعماري يشتمل على أبنية مختلفة الأشكال؛ فمنها الدائري والمربع والمستطيل، واستخداماتها بحسب قول العم سعيد متعددة؛ فمنها ما يستخدم للسكن ومنها للدفاع وأخرى لخزن الحبوب.

ويضيف العم سعيد قائلا: «إذا كان السكن مكونا من عدة طوابق فإن الطابق الأرضي يشمل المدخل الذي يقع عادة في واجهة البناء، ثم الدرج ومكانه إما قرب المدخل أو في الفسحة التي يؤدي إليها المدخل، كما يضم الطابق الأرضي الإسطبل، أو زريبة الحيوانات، وموضعا قريبا منها لتخزين العلف، وحفظ المعدات الزراعية».

إلى جانب هذه النماذج التراثية من العمارة قد يتساءل السائح أو الزائر عن سبب تقارب البيوت من بعضها داخل بعض القرى، التي تنتشر على سفوح وقمم الجبال والرابط الوحيد بينها هو طريق ضيق، والسبب كما أوضح العم سعيد، هو حتى يستأنس ويأمن ساكنوها على أنفسهم، وليصنعوا جوا اجتماعيا متلاحما فيما بينهم.

وحتى نقرأ الثقافة التاريخية لتلك الأشكال من العمارة كان لا بد لنا أن نسلط الضوء على الدور الأساسي، وهو البيئة، التي تقودها الطبيعة المناخية في جنوب السعودية، وفي هذا الصدد يقول عبد الله محمد، وهو باحث في تاريخ العمران العسيري، إن تصميمات المباني والبيوت في جنوب السعودية جاءت لتلبي شروط الموضوعية المناخية، وحتى تتكيف مع طبيعة البيئة، فيلاحظ استخدام نوع محدد من الحجر في بعض البنيان، ويعود ذلك إلى توفر أنواع معينة من الحجارة في تلك البيئة مما ساعد في اعتمادها كشكل من أشكال العمارة في ذلك الوقت. العم سعيد، الذي درس الطبيعة الجغرافية والمناخية للمنطقة الجنوبية من خلال حياته، أرجع سبب لجوء البعض إلى بناء منازل بعدة طوابق بدلا من الاعتماد على الطابع السائد، وهو طابق واحد بعدة غرف يعتبر من وجهة نظر البعض أسهل بناء وتصميما، إلى أن المناطق الجبلية تفتقر إلى المساحات الواسعة والشاسعة، لذلك فهي تستغل من قبل ساكنيها للزراعة, فقيمة الأرض هنا، كما ذكر، مهمة جدا فهي المصدر الأول للدخل والغذاء، خصوصا على سفوح الجبال وضفاف الأودية، ولذلك كان لا بد أن يكون المنزل على مقربة من مكان العمل حتى يسهل الوصول إليه ونقل المحاصيل منه.

وحول استخدامات المنازل ذات الطوابق المتعددة بين العم سعيد أن مخازن الحبوب والأطعمة خصص لها الطابق الأول، حيث يتوفر بداخلها نوافذ تطل على الخارج, والمطبخ، وخزان الماء، ومكان الغسل غالبا ما كان في الطابق الثاني، الذي يحتوي أيضا على غرفة واحدة أو غرفتين، تخص إحداهما كبير العائلة، إلى جانب فسحة مكشوفة تتم فيها الأعمال المنزلية، ويحيط بها جدار عال لستر ما في البيت، وقد تسكن الأسرة في مبنى واحد بعيد عن غيره من المباني.

والجدير بالذكر هنا أن أشكال وأساليب العمارة في جنوب المملكة جذبت اهتمام الكثيرين من العلماء الأجانب، ومنهم الدكتور الفرنسي، ثيري ميور، بالإضافة إلى الدكتور نيلسون الذي تطرق إلى مسمى «حصن» دلالة منه على أن البيوت في جنوب السعودية لها أهمية عند قاطنيها ومدى حاجتهم لها كحصن منيع يقيهم شر الدخلاء.

وهذا بحد ذاته يقر مدى تميز العمارة في تلك المناطق، ويعكس ثقافة حياتية بيئية ما زال أبناؤها يحافظون عليها ويكتبون حولها ليثبتوا زمنا لم تصل إليه التكنولوجيا، بل أفسحوا المجال للعقل ليختار سبل التوافق مع الطبيعة بكل أشكالها ومكنوناتها.








تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا

0 التعليقات :

اخبار

مدونة الوان جنوبية ، قناة ، جنوبيات ، الوان جنوبية ، برامج ، مدونة الوان ، حصون ، شخصيات ، الوان ، ابها ، اندرويد ، ثقافة ، جنوبية ، فلكلور ، ادب ، هواتف ، قلاع ، صور ، فنون ، وثائقيات ، اثار ، مدونة جنوبية ، حضارات ، قبائل عسير ، سياحة ،طرب ، رقصات جنوبية ، فلكلورية ، خطوة ، رحلة ، التراث ، تاريخ ، حضارة ، اخبار ، مع ، ناريخ ، قصص ، امثال ، عسير

Social Icons

.

Featured Posts

.
Subscribe Via Email

Subscribe to our newsletter to get the latest updates to your inbox. ;-)

Your email address is safe with us!

حضارة وتاريخ

جميع الاقسام

أقسام المدونة :

بلوجر

زخرفة انجليزيه احترافيه

blockquote { display: block; margin-top: 1em; margin-bottom: 1em; margin-left: 40px; margin-right: 40px;
}

منوعات

صور ديكور


اخر التعليقات

الوان جنوبية. يتم التشغيل بواسطة Blogger.