فن القط او النقش النسائي بمنطقة عسير
هذا الفن الذي يحاكي الفن التجريدي بمختلف مكوناته وعناصره الإبداعية ، ولقد أبدعت المرأة الألمعية
في وضع النقوش والألوان بفطرتها وسليقتها ونظرتها الجمالية نحو الأشياء فعبرت من خلال بساطتها
عن فن فريد لفت انتباه عدد من الدارسين الذين عملوا على دراسة هذا الفن ومعرفة جذوره التاريخية
الفنانة عفت عبدالله فدعق المعيدة في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة تخصص فنون إسلامية في حوارها مع جريدة الوطن السعودية
أوضحت أن النقوش العسيرية هي مجال دراستها لتحضير رسالة الدكتوراه ، حيث إنها ذكرت أن هذا اللون من الفن لفت انتباهها
وخاصة بعد عودتها إلى مرجع الكاتب الفرنسي الشهير سيري موجير ، حيث تحدث الكاتب في كتابه عن النقوش العسيرية
وتقول إن هذه النقوش لفتت انتباهها من البداية وحاولت أن تقرأ المزيد عنها ، فوجدت أنه لم يكتب عن هذه النقوش وعن تاريخها
وعن أثرها على الفنون التشكيلية ، وعن وبداية ونشأة النقوش العسيرية ، فأحببت أن تتابع هذا الفن وترصد نشأته لأنه
يستحق أن يدخل التاريخ ، ومن خلال زيارتها لأبها التقت بالفنانة فاطمة أبو قحاص التي أهدتها فرشاتها الخاصة
وشرحت لها كيف بدأ هذا الفن ، وكيف عملت به خلال سنوات طويلة ، وفي كتاب الكاتب سيري موجير
أوضح أن هذا الفن مجرد رسومات وديكور أو نقش ، فأردت الفنانة عفت أن تخرج بفكرة حقيقية
وهي أن هذا الفن رسم عسيري خاص بالتراث السعودي للمملكة العربية السعودية
القط أو فن نقش المنازل من الداخل ، هو من ألوان الفنون التي تشتهر بها منطقة عسير وخاصة بلاد رجال ألمع
وهو يمثل فناً مستقلاً له دلالاته الاجتماعية ، إذ يعرف ذوق المرأة من خلال تزيينها لمنزلها
والقط أو النقش عبارة عن خطوط وتشكيلات جمالية ونقوش ذات أشكال هندسية يقوم بعملها نساء متخصصات
في هذا المجال ، هذا الإبداع لم يتعلمنه في مدارس فنية راقية أو معاهد متخصصة
وقد استخدمت المرأة الألمعية في عمل هذه النقوش الألوان التي تستطيع تكوينها من خلال العناصر الموجودة في بيئتها
فالأسود من الألوان الرئيسة التي لا غنى لها عنها ، وطريقة استخراجه والاستفادة منه تقوم على جمع الفحم ثم طحنه
وإضافة الصمغ عليه حتى يصبح أكثر لمعاناً وجاهزاً للدهن
واللون الأحمر أو ما يطلق عليه - الحسن - وطريقة الحصول على هذا اللون هو بجمع عدد من الأحجار حمراء اللون
المختلفة المناسيب يضاف عليها شئ من المر والأرز المحمص ويطحن في مطاحن يدوية حتى تصبح أكثر دقة وجاهزية للإستعمال
واللونان الأصفر والأزرق والأخضر كانت تأتي عن طريق عدد من التجار اللذين يجلبونها إلى بلدة رجال ألمع
ثم تؤخذ هذه الألوان التي تختلف في تكوينها ويضاف إليها مادة الصمغ الذي هو من المواد الأساسية في النقش الألمعي
والقضاض أحد المواد الرئيسة في دهن البيت الألمعي وكان يستخرج من جبال اشتهرت بوجوده في ثناياها فبعد جلبه منها
ينقى ويطحن ثم يخمر في أدوات فخارية سابقاً كالحجل ثم يصفى الماء وبعد ذلك تطحن الرواسب المتبقية ، وتحمى في
درجة حرارة معينة حتى تزداد تماسكاً ، في تزين به الأسوار المعرضة لعوامل التعرية
واستخدمت المرأة الألمعية أدوات ومكونات موجودة في بيئتها ووجدتها بين يديها وحولتها إلى ريشة رسام حاذق
في صنعته ماهر في أدائه ، فقد أستخدمت شعرة من ذيل الأغنام تحسنها بشكل يجعلها أشبة ما تكون بريشة الرسام
وهناك فنانات لهن شهرتهن في هذا المجال ، منهن جحاحة بنت بريدي ، التي قيل إنه لا يصل إلى دقتها ونقشها أحد
ولها بعض النقوش لا تزال في بعض القصور الموجودة مثل قصر الدرعية
وشريفة بنت احمد وكانت رافضة التجديد وكانت قليلة الرغبة في قوة اللون ، وفاطمة امسباع
وآمنة بنت امحمد بن هادي ، وهي والدة الفنانة المعاصرة فاطمة علي أبو قحاص الرائدة الوحيدة لهذا الفن في وقتنا الحاضر
القادرة على التجديد صاحبة الحضور الفني التلقائي المميز وهي التي تبدأ في التخطيط ثم تملي عليها الموهبة والحس الفني
كل تفاصيل العمل وتقودها إلى إبداعات كثيرة ، ولقد نالت جائزة أبها للخدمة الوطنية في مجالها الفني المميز
تقول عنها ابنتها الوحيدة أنها لا تنفك ترسم وتخطط حتى في غير ساعات العمل عندما تجد ورقة وقلما
وأشهر النقوش التي أبدعتها فاطمة أبو قحاص موجودة في حصن رازح ، وفي بيت آل الزهر في الخليس
وفي حصن آل علوان (مسمار) الذي فيه متحف ألمع الدائم للتراث وفي عدد من بيوت الأغنياء
كما أن إحدى لوحاتها موجودة في بهو فندق قصر أبها
نجد إن فن القط أو النقش يقسم إلي أربعة أنواع ، طبقاً للمفرادات المحلية الدارجة والمستخدمة :
1- الختام : وعرضها في الجدر بين 30 و 40 سنتميتر ، تحفها الحظية دائماً وتعلوها البناة والأمشاط غالباً وتزينها الركون
والمثلثة الشكل في أركان البيت ، ويحتاج الجدار الطويل إلى إبتكار فني يتوسط الجدار على شكل دائري أو مربع
والختام تسمية لأشكال مربعة ، وتنقش مربعات الأختام بأشكال ودلالات مختلفة تغلب عليها الأرياش ، والبلسنة وهي معينات
تحيطها أو تتوسطها النقط الذي لا يخلو النقش منه ، والخطوط الأفقية - المثالث والمخامس - ثلاثة خطوط أو خمسة متوازية
الوانها مختلفة يعلوها النقش وقد يكتفي بها في بعض المنازل ، وهي غالبة في سبحات الدرج
2- الحظية : نقش على طول الجدار عرضه أقل بكثير من الختام ، ويستخدم في مجالس النساء
3- البترة : وهي الجامعة لكل أنواع النقش ، والمنقوشة بعناية فائقة ، لذلك تظهر في واجهة المجالس
4- التقطيع العمري : خطوط رأسية متوازية ومتقاربة تمثل قاعدة ينطلق منها خيال الفنانة إلى الختام أو الحظية
المرو والنحت والتلوين
وكما ان للنساء عملهن المبدع من نقوش فن القط في داخل البيوت
فإن للرجل العسيري دوراً مهماً أيضاً في تزيين البيوت من الخارج
تزيين الشرفات والنوافذ والأبواب بالحجر الأبيض ، المسمى المرو
وكذلك النجارة والنحت على الأبواب والنوافذ والتلوين الخارجي ، مما يضفى على هذه المنازل كل ذوق وفن من الداخل والخارج
منقول المقال
قناصة عسير
0 التعليقات :